البخلاء للجاحظ (صفحة 255)

الخطاب. كان عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه يضرب على هذا، وكان يقول: مدمن اللحم كمدمن الخمر» .

ثم سأل الذي يليه، قال: «أبا فلان ما إدامك» «1» ؟ قال: «الآدام الكثيرة والألوان الطيّبة» ، قال: «أفي إدامك سمن» ؟ قال: «نعم» ، قال: «فتجمع السمن والسمين على مائدة» ؟ قال: «نعم» . قال:

«ليس هذا عيش آل الخطاب. كان ابن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه يضرب على هذا. وكان إذا وجد القدور المختلفة الطعوم كدّرها في قدر واحدة، وقال إن العرب لو أكلت هذا لقتل بعضها بعضا» .

ثم يقبل على الآخر، فيقول: «أبا فلان ما إدامك» ؟ قال: «اللحم لسمين، والجداء الرضع» . قال: «فتأكله بالحوّاري «2» » ؟ قال: «نعم» قال: «ليس هذا عيش آل الخطاب. كان بن الخطاب يضرب على هذا.

أو ما سمعته يقول: أتروني لا أعرف الطعام الطّيب؟ لباب. البرّ بصغار المعزى. ألا تراه كيف ينتفي من أكله، وتنتحل معرفته» ؟

ثم يقبل على الذي يليه، فيقول: «أبا فلان ما أدمك» ؟ فيقول:

«أكثر ما نأكل لحوم الجزور، ونتخذ منها هذه القلايا، ونجعل بعضها شواء» ، قال: «أفتأكل من أكبادها واسنمتها، وتتخذ لك الصباغ «3» » ؟

قال: «نعم» . قال: «ليس هذا عيش آل الخطاب. كان ابن الخطاب يضرب على هذا، أو ما سمعته يقول: «أتروني لا أقدر أن اتخذ أكبادا وأفلاذا «4» وصلائق «5» وصنابا «6» » ؟ ألا تراه كيف ينكر أكله، ويستحسن معرفته» ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015