من هو أكثر منكم عددا، وأغلقت بابي دونهم، لم يكن إدخالي إياكم عذرا لي، ولا في منع الآخرين حجّة» . فانصرفوا ولم يعودوا.
قال أبو محمد العروضّي: وقعت بين قوم عربدة، فقام المغنّي يحجز بينهم، وكان شيخا معتلا بخيلا، فمسك رجل بحلقه فعصره، فصاح:
معيشتي معيشتي، فتبسم.
وحدثني ابن أبي كريمة، قال: وهبوا للكناني المغنّي خابية فارغة؛ كان عند انصرافه وضعوها له على الباب، ولم يكن عنده كراء حمّالها، وأدركه ما يدرك المغنّين من التّيه، فلم يحملها، فكان يركلها ركلة «1» ، فتتدحرج وتدور بمبلغ حميّة الركلة. ويقوم من ناحية كي لا يراه إنسان، ويرى ما تصنع، ثم يدنو منها ثم يركله أخرى، فتتدحرج وتدور، ويقف من ناحية. فلم يزل يفعل ذلك إلى أن بلغ بها المنزل.
قالوا: كان عبد النور كاتب إبراهيم بن عبد الله بن الحسن «2» قد استخفى بالبصرة، في عبد القيس «3» ، من أمير المؤمنين أبي جعفر وعمّاله. وكان في غرفة قدامها جناح «4» . وكان لا يطلع رأسه منها. فلما سكن الطلب شيئا، وثبت عنده حسن جوار القوم، صار يجلس في الجناح، يرضى بأن يسمع الصوت ولا يرى الشخص، لما في ذلك من الأنس عند طول الوحشة، فلما طالت به الأيام، ومرّت أيام السلامة،