يلبث أن جاءنا بطبق عليه رطب سكر وجيسران «1» أسود، فوضعه بين أيدينا. فأكل الشيخ الذي كان معنا. فلما رأيت أبي لا يأكل لم آكل، وبي إلى ذلك حاجة. فأقبل الناطور على أبي، فقال: «لم لا تأكل» ؟ قال:
«والله إني لأشتهيه، ولكن لا أظن صاحب الأرض أباح لك إطعام الناس من الغريب. فلو جئتنا بشيء من السهريز والبرنيّ «2» لأكلنا» ، فقال مولانا، وهو شيخ كبير السنّ: «ولكني أنا لم أنظر في شيء من هذا قطّ» .
قال المكيّ: دخل إسماعيل بن غزوان الى بعض المساجد يصلّي، فوجد لصف تاما، فلم يستطع أن يقوم وحده، فجذب ثوب شيخ في الصف ليتأخر فيقوم معه. فلما تأخر الشيخ، ورأى إسماعيل الفرج «3» ، تقدّم فقام في موضع الشيخ وترك الشيخ قائما خلفه ينظر في قفاه، ويدعو الله عليه.
كان ثمامة يحتشم «4» أن يقعد على خوانه من لا يأنس به، ومن رأيه أن يأكل بعض غلمانه معه. فحبس قاسم التمّار يوما على غدائه بعض من يحتشمه فاحتمل ذلك ثمامة في نفسه. ثم عاد بعد ذلك إلى مثلها، ففعل ذلك مرارا حتّى ضجّ ثمامة، واستفرغ صبره. فأقبل عليه فقال: «ما