وزعم سرّي بن مكرم، وهو ابن أخي موسى بن جناح، قال: كان موسى يأمرنا ألّا نأكل ما دام أحد منا مشغولا بشرب الماء وطلبه. فلما رآنا لا نطاوعه دعا ليلة بالماء، ثمّ خطّ بإصبعه خطا في أرزّة كانت بين أيدينا فقال: هذا نصيبي، لا تعرضوا له، حتى انتفع بشرب الماء.
وأحاديثه في صدر الكتاب، وهذا منها.
وقال المكيّ لبعض من كان يتعشّى ويفطر عند الباسياني: ويحكم! كيف تسيغون طعامه، وأنتم تسمعونه يقول: «إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا» . ثم ترونه لا يقرؤها إلا وأنتم على العشاء، ولا يقرأ غير هذه الآية؟ أنتم والله ضد الذي قال:
ألبان إبل تعلّة بن مساور ... ما دام يملكها عليّ حرام
وطعام عمران بن أوفى مثله ... ما دام يسلك في البطون طعام
إن الذين يسوغ في أعناقهم ... زاد يمنّ عليهم للئام
قال: فمتى تعجب فأعجب من خمسين رجلا من العرب فيهم أبو رافع الكلابي، وهو شاعر نديّ «1» ، يفطرون عند أبي عثمان الأعور. فإفطاري من طعام نصراني أشدّ من إفطاري من طعام مسلم يقرأ القرآن ويقول الحق.
وحدثني أبو المنجوف السّدوسي «2» ، قال: كنت مع أبي ومعنا شيخ من موالي الحيّ فمررنا على نهر الأبلّة، ونحن تعبون، فجلسنا إليه. فلم