بدانق، وطبخه كله سكباجا. فأكل وعياله، يومئذ خبزهم بشيء من رأس القدر، وما ينقطع في القدر من البصل والباذنجان والجزر والقرع والشحم واللحم. فإذا كان يوم السبت ثرّدوا «1» خبزهم في المرق. فإذا كان يوم الأحد أكلوا البصل؛ فإذا كان يوم الإثنين أكلوا الجزر، فإذا كان يوم الثلاثاء أكلوا القرع، فإذا كان يوم الأربعاء أكلوا الباذنجان، فإذا كان يوم الخميس أكلوا اللحم. فلهذا كان يقول: ما فاتني اللحم منذ ملكت المال.
قال أصحابنا: نزلنا بناس من أهل الجزيرة، وإذا هم في بلاد باردة، وإذا حطبهم شرّ حطب، وإذا الأرض كلّها غابة واحدة طرفاء «2» . فقلنا:
«ما في الأرض أكرم من الطرفاء» . قالوا: «هو كريم، ومن كرمه نفّر» . قالوا: فقلنا: «وما الذي تفرّون منه» ؟ قالوا: «دخان الطرفاء يهضم الطعام، وعيالنا كثير» .
وقد عاب ناس أهل المازح والمديبر بأمور: منها أن خشكنانهم «3» من دقيق شعير، وحشوه- الذي يكون فيه الجوز والسكر، من دقيق خشكار.
وأهل المازح لا يعرفون بالبخل، ولكنهم أسوأ الناس حالا، فتقديرهم على قدر عيشهم. وإنما نحكي عن البخلاء الذين جمعوا بين البخل واليسر، وبين خصب البلاد وعيش أهل الجدب «4» . فأما من يضيّق على نفسه لأنه لا يعرف إلا الضيق، فليس سبيله سبيل القوم.