اختلابي «1» بتهوين الأمر عليه. وقلت: إن هذا كقول الرجل: يا غلام أطعمنا كسرة، وأطعم السائل خمس تمرات. ومعناه أضعاف ما وقع اللفظ عليه. وما أظن أن أحدا يدعو مثلي إلى الخريبة «2» من الباطنة «3» ، ثم يأتيه بكسرات وملح.
فلما صرت عنده، وقرّبه إليّ، إذ وقف سائل بالباب فقال: أطعمونا مما تأكلون، أطعمكم الله من طعام الجنّة. قال: بورك فيك. فأعاد الكلام، فأعاد عليه مثل ذلك القول. فأعاد عليه السائل، فقال:
إذهب، ويلك فقد ردوا عليك. فقال السائل: سبحان الله ما رأيت كاليوم أحدا يرد من لقمة، والطعام بين يديه. قال إذهب ويلك، وإلا خرجت إليك، والله، فدققت ساقيك. قال السائل: سبحان الله، ينهي الله أن ينهر «4» السائل، وأنت تدق ساقيه؟ فقلت للسائل: إذهب وأرح نفسك، فإنك لو تعرف من صدق وعيده مثل الذي أعرف، لما وقفت طرفة عين، بعد ردّه إيّاك.
وكان أبو يعقوب الدقنان «5» يقول: ما فاتني اللحم منذ ملكت المال.
وكان إذا كان يوم الجمعة اشترى لحم بقر بدرهم، واشترى بصلا بدانق «6» ، وباذنجانا بدانق، وقرعة بدانق، فإذا كان أيام الجزر فجزرا