كان تمّام بن جعفر بخيلا على الطعام، مفرّط البخل؛ وكان يقبل على كل من أكل خبزه بكل علّة «1» ، ويطالبه بكل طائلة «2» ؛ وحتى ربما استخرج عليه أنه كان حلال الدم.
وكان إن قال له نديم: «ما في الأرض أحد أمشي مني، ولا على ظهرها أحد أقوى على الحضر «3» مني» قال: «وما يمنعك من ذلك وأنت تأكل أكل عشرة؟ وهل يحمل الرجل إلا البطن؟ لا حمد الله من يحمدك» . فإن قال: «لا والله إن أقدر أن أمشي لأني أضعف الخلق عنه. وإني لأنبهر من مشي ثلاثين خطوة» . قال: «وكيف تمشي، وقد جعلت في بطنك ما يحمله عشرون حمّالا؟ وهل ينطلق الناس إلا مع خفة الأكل؟ وأي بطين «4» يقدر على الحركة؟ وإن الكظيظ ليعجز عن الركوع والسجود، فكيف بالمشي الكثير» ؟
فإن شكا ضرسه، وقال: «ما نمت البارحة مع وجعه وضربانه «5» » قال: «عجبت كيف اشتكيت واحدا، وكيف لم تشتك الجميع؟ وكيف بقيت إلى اليوم في فيك حاكّة؟ وأي ضرس يقوى على الضرس والطحن؟
والله إن الأرحاء السورية لتكلّ، وإن المنحاز الغليظ ليتبعه الدقّ. ولقد استبطأت لك هذه العلة. أرفق فإن الرّفق يمن، ولا تخرق بنفسك فإن الخرق شؤم» . وإن قال: «لا والله إن اشتكيت ضرسا لي قط، ولا تحلحلت لي سنّ عن موضعها، منذ عرفت نفسي» . قال: «يا مجنون لأن