يحجّ» . والآخر كان يضحّي عن أبي بكر وعمر، ويقول: «أخطأ السنة في ترك الضحية. وكان الآخر يفطر عن عائشة أيام التشريق «1» ، ويقول: «غلطت رحمها الله في صومها أيام العيد. فمن صام عن أبيه وأمه، فأنا أفطر عن عائشة» .
حدّثتني امرأة تعرف الأمور، قالت:
كان في الحيّ مأتم اجتمع فيه عجائز من عجائز الحي، فلما رأين أن أهل المأتم قد أقمن المناحة، اعتزلن وتحدّثن. فبينا هنّ في حديثهنّ، إذ ذكرن برّ الأبناء بالأمهات، وإنفاقهم عليهنّ. وذكرت كلّ واحدة منهنّ ما يوليها إبنها. فقالت واحدة منهنّ، وأم فيلويه ساكتة، وكانت امرأة صالحة، وإبنها يظهر النسك يدين بالبخل، وله حانوت في مقبرة بني حصن يبيع فيها الأسقاط «2» . قالت: فأقبلت على أم فيلويه، قالت لها:
ما لك لا تحدّثين معنا عن إبنك كما يتحدّثن؟ وكيف صنع فيلويه فيما بينك وبينه؟ قالت: كان يجري عليّ في كل أضحى درهما. ثم قالت:
وقد قطعه أيضا. فقالت لها المرأة: وما كان يجري عليك إلا درهما؟
قالت: ما كان يجري عليّ إلا ذاك، ولقد ربما أدخل أضحى في أضحى.
فقالت: فقلت: يا أم فيلويه وكيف يدخل أضحى في أضحى؟ قد يقول الناس: إن فلانا أدخل شهرا في شهر، ويوما في يوم، وأمّا أضحى في أضحى، فهذا شيء لإبنك لا يشركه فيه أحد.