لَقَدْ قُلْتَ يَا فُلَانُ قَوْلًا فَكَذَلِكَ الْآيَةُ مَعْنَاهَا مَدْحُ الْمَتَابِ، كَأَنَّهُ قَالَ: فَإِنَّهُ يَجِدُ الْفَرَجَ وَالْمَغْفِرَةَ عَظِيمًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَنْ يَتْرُكِ الْمَعَاصِيَ وَيَنْدَمْ عَلَيْهَا وَيَدْخُلْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ بِذَلِكَ تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ الَّذِي يَعْرِفُ حَقَّ التَّائِبِينَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ مَا يَسْتَوْجِبُونَ، وَاللَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. وَقِيلَ: مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّوْبَةِ فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ فَلْيُبَادِرْ إِلَيْهَا وَيَتَوَجَّهْ بِهَا إِلَى اللَّهِ. وَقِيلَ مَنْ تابَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى مَنْ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ. وَقِيلَ: وَمَنْ تابَ اسْتَقَامَ عَلَى التَّوْبَةِ فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ أَيْ فَهُوَ التَّائِبُ حَقًّا عِنْدَ اللَّهِ.
وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ عَادَ إِلَى ذِكْرِ أَوْصَافِ عِبادُ الرَّحْمنِ وَالظَّاهِرُ
أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ أَوْ شَهَادَةِ الزُّورِ، قَالَهُ عَلِيٌّ وَالْبَاقِرُ
فَهُوَ مِنَ الشَّهَادَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا يَحْضُرُونَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ وَالزُّورُ الشِّرْكُ وَالصَّنَمُ أَوِ الْكَذِبُ أَوْ آلَةُ الْغِنَاءِ أَوْ أَعْيَادُ النَّصَارَى.
أَوْ لُعْبَةٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ النَّوْحُ أَوْ مَجَالِسُ يُعَابُ فِيهَا الصَّالِحُونَ، أَقْوَالٌ. فَالشِّرْكُ قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ، وَالْغِنَاءُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْكَذِبُ قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وَفِي الْكَشَّافِ عَنْ قَتَادَةَ مَجَالِسُ الْبَاطِلِ. وَعَن ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: اللَّهْوُ وَالْغِنَاءُ. وَعَنْ مجاهد: أعياد المشركين وبِاللَّغْوِ كُلُّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى وَيُطْرَحَ. وَالْمَعْنَى وَإِذا مَرُّوا بِأَهْلِ اللَّغْوِ مَرُّوا مُعْرِضِينَ عَنْهُمْ مُكَرِّمِينَ أَنْفُسَهُمْ عَنِ التَّوَقُّفِ عَلَيْهِمْ. وَالْخَوْضِ مَعَهُمْ لِقَوْلِهِ وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (?) انْتَهَى.
بِآياتِ رَبِّهِمْ هِيَ الْقُرْآنُ. لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً النَّفْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقَيْدِ الَّذِي هُوَ صُمٌّ وَعُمْيَانٌ لَا لِلْخُرُورِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْأَكْثَرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَنَّ النَّفْيَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْقَيْدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا أَكَبُّوا عَلَيْهَا حِرْصًا عَلَى اسْتِمَاعِهَا، وَأَقْبَلُوا عَلَى الْمُذَكِّرِ بِهَا بِآذَانٍ وَاعِيَةٍ وَأَعْيُنٍ رَاعِيَةٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَشْبَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا كَانُوا مُكِبِّينَ عَلَيْهَا مُقْبِلِينَ عَلَى مَنْ يُذَكِّرُ بِهَا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَكَانُوا صُمًّا وَعُمْياناً حَيْثُ لَا يَعُونَهَا وَلَا يَتَبَصَّرُونَ مَا فِيهَا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: بَلْ يَكُونُ خُرُورُهُمْ سُجَّدًا وَبُكِيًّا كَمَا تَقُولُ: لَمْ يَخْرُجْ زَيْدٌ إِلَى الْحَرْبِ جَزِعًا أَيْ إِنَّمَا خَرَجَ جَرِيئًا مُعْدِمًا، وَكَانَ الْمَسْمَعُ الْمُذَكَّرُ قَائِمَ الْقَنَاةِ قَوِيمَ الْأَمْرِ فَإِذَا أَعْرَضَ كَانَ ذَلِكَ خُرُورًا وَهُوَ السُّقُوطُ عَلَى غَيْرِ نِظَامٍ وَتَرْتِيبٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَشْبَهَ الَّذِي يَخِرُّ سَاجِدًا لَكِنَّ أَصْلَهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبٍ انْتَهَى.
وَقَالَ السُّدِّيُّ لَمْ يَخِرُّوا صُمًّا وَعُمْياناً هِيَ صِفَةٌ لِلْكُفَّارِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعراضهم