عَنْهُمَا وَكَذَا ابْنُ عَامِرٍ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ يُضاعَفْ وَيَخْلُدْ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مَرْفُوعًا مُخَفَّفًا. وَالْأَعْمَشُ بِضَمِّ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مَرْفُوعًا مُخَفَّفًا. وَالْأَعْمَشُ بِضَمِّ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مُشَدَّدًا مَرْفُوعًا فَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ أَوِ الْحَالِ وَالْجَزْمُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ يَلْقَ.
كَمَا قَالَ الشَّاعِرِ:
مَتَّى تَأْتِنَا تُلَمِّمْ بِنَا فِي دِيَارِنَا ... تَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا
وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ عَائِدٌ عَلَى الْعَذَابِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَوْبَةَ الْمُسْلِمِ الْقَاتِلِ النَّفْسَ بِغَيْرِ حَقٍّ مَقْبُولَةٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ وَتَبْدِيلُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ هُوَ جَعْلُ أَعْمَالِهِمْ بَدَلَ مَعَاصِيهِمُ الْأُوَلِ طَاعَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبَ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَرَدُّوا عَلَى مَنْ قَالَ هُوَ فِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:
السَّيِّئَةُ بِعَيْنِهَا لَا تَصِيرُ حَسَنَةً، وَلَكِنَّ السَّيِّئَةَ تُمْحَى بِالتَّوْبَةِ وَتُكْتَبُ الْحَسَنَةُ مَعَ التَّوْبَةِ، وَالْكَافِرُ يُحْبَطُ عَمَلُهُ وَتُثْبَتُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ. وَتَأَوَّلَ ابْنُ مُسَيَّبٍ وَمَكْحُولٌ أَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ بِمَعْنَى كَرَمِ الْعَفْوِ.
وَفِي كِتَابِ مُسْلِمٍ إِنَّ اللَّهَ يُبَدِّلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ بَدَلَ سَيِّئَاتٍ حَسَنَاتٍ.
وَقَالَا تُمْحَى السَّيِّئَةُ وَيُثْبَتُ بَدَلَهَا حَسَنَةٌ. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي: يُبَدَّلُ الْعِقَابُ بِالثَّوَابِ فَذَكَرَهُمَا وَأَرَادَ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِمَا.
إِلَّا مَنْ تابَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنَ الْجِنْسِ، وَلَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَلَا يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ التَّضْعِيفِ انْتِفَاءُ الْعَذَابِ غَيْرِ الْمُضَعَّفِ فَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنْ مَنْ تَابَ وآمن عمل صَالِحًا فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْقَى عَذَابًا البتة وسَيِّئاتِهِمْ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي، وَهُوَ أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِحَرْفِ الْجَرِّ أَيْ بِسَيِّئَاتِهِمْ. وحَسَناتٍ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَهُوَ المسرح كَمَا قَالَ تَعَالَى وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ (?) . وَقَالَ الشَّاعِرُ:
تَضْحَكُ مِنِّي أُخْتُ ذَاتِ النحيين ... أبدلك لله بِلَوْنٍ لَوْنَيْنِ
سَوَادَ وَجْهٍ وَبَيَاضَ عَيْنَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّ وَمَنْ تابَ أَيْ أَنْشَأَ التوبة فإنه يتوب إلى اللَّهِ أَيْ يَرْجِعُ إِلَى ثَوَابِهِ وَإِحْسَانِهِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَمَنْ تابَ فَإِنَّهُ قَدْ تَمَسَّكَ بِأَمْرٍ وَثِيقٍ. كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يُسْتَحْسَنُ قوله في أمر: