وَعَاقِبَتِهِ، فَلَحِقَ مِنْ ذَلِكَ عِقَابٌ وَخُسْرَانٌ. وَأَمَّا بِأَنَّ عَذَابَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ يُزَادُ بِهِ عَذَابٌ عَلَى مُجَرَّدِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ.

وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ. يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ: أَيْ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَخْذِ أَخْذِ اللَّهِ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ أَخْذُ رَبِّكَ. وَالْقُرَى عَامٌّ فِي الْقُرَى الظَّالِمَةِ، وَالظُّلْمُ يَشْمَلُ ظُلْمَ الْكُفْرِ وَغَيْرَهُ. وَقَدْ يُمْهِلُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْكَفَرَةِ. وَأَمَّا الظَّلَمَةُ فِي الْغَالِبِ فَمُعَاجَلُونَ،

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنِ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ»

ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا.

وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ وَالْجَحْدَرِيُّ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ، إذ أَخَذَ عَلَى أَنَّ أَخْذُ رَبِّكَ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ، وَإِذْ ظَرْفٌ لِمَا مَضَى، وَهُوَ إِخْبَارٌ عَمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللَّهِ فِي إِهْلَاكِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: وكذلك أحذ رَبُّكَ إِذَا أَخَذَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهِيَ قراءة مُتَمَكِّنَةُ الْمَعْنَى، وَلَكِنَّ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ تُعْطِي الْوَعِيدَ وَاسْتِمْرَارَهُ فِي الزَّمَانِ، وَهُوَ الْبَابُ فِي وَضَعَ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْضِعَ الْمَاضِي، والقرى مفعول بأخذ عَلَى الْإِعْمَالِ إِذْ تَنَازَعَهُ الْمَصْدَرُ وَهُوَ: أَخْذُ رَبِّكَ، وأخذ، فَأُعْمِلَ الثَّانِي وَهِيَ ظَالِمَةٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ مُوجِعٌ صَعْبٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ.

وَالْأَخْذُ هُنَا أَخْذُ الْإِهْلَاكِ.

إِنَّ فِي ذَلِكَ أَيَ: فِيمَا قَصَّ اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَإِهْلَاكِهِمْ لَآيَةً لَعَلَامَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ، أَيْ: إِنَّهُمْ إِذَا عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا لِأَجْلِ تَكْذِيبِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ وَإِشْرَاكِهِمْ بِاللَّهِ، وَهِيَ دَارُ الْعَمَلِ فَلَأَنْ يُعَذَّبُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْجَزَاءِ أَوْلَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَخْبَرُوا بِاسْتِئْصَالِ مَنْ كَذَّبَهُمْ، وَأَشْرَكُوا بِاللَّهِ. وَوَقَعَ مَا أَخْبَرُوا بِهِ وَفْقَ إِخْبَارِهِمْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ صِدْقٌ لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَآيَةً لِمَنْ خَافَ لَعِبْرَةً لَهُ، لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِالْمُجْرِمِينَ فِي الدُّنْيَا، وَمَا هُوَ إِلَّا أُنْمُوذَجٌ مِمَّا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَإِذَا رَأَى عَظَمَتَهُ وَشِدَّتَهُ اعْتَبَرَ بِهِ مِنْ عَظِيمِ الْعَذَابِ الْمَوْعُودِ فَيَكُونُ لَهُ عِظَةً وَعِبْرَةً وَلُطْفًا فِي زِيَادَةِ التَّقْوَى وَالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ وَنَحْوُهُ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (?) ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: عَذَابَ الْآخِرَةِ، وَالنَّاسُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ رَافِعُهُ مَجْمُوعٌ، وَأَجَازَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مبتدأ، ومجموع خبر مقدم، وهو بعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015