وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيِّ: الْخِلَافُ فِي هَذِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَقَائِقَ تُقَاسُ عَلَيْهَا قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنْ لَا قِيَاسَ فِي اللُّغَةِ أَصْلًا، فَلَا يُسَمَّى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ ضَارِبًا قِيَاسًا، وَلَكِنْ تَوْقِيفًا، وَلَوْ ثَبَتَ الِاطِّرَادُ فِي الْمَجَازِ نَقْلًا طَرَدْنَاهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّا إذَا وَجَدْنَا لَفْظَةً صَالِحَةً لِمَعْنَيَيْنِ وَجَمْعُهَا بِحَسَبِهِمَا مُخْتَلِفٌ عَلِمْنَا أَنَّهَا مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا، سَوَاءٌ عَلِمْنَا أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْآخَرِ أَمْ لَا. ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ. فَقَالَ: إنْ تَخْتَلِفْ صِيغَةُ الْجَمْعِ عَلَى الِاسْمِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَمِثْلُهُ بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ، وَجَمْعُهُ بِهَذَا الْمَعْنَى " أَوَامِرُ "، وَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى الْفِعْلِ جُمِعَ عَلَى " أُمُورٍ " وَخَالَفَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَصَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْجَمْعِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي كَوْنِ اللَّفْظِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا إلَّا أَنْ يَدَّعِي فِيهِ اسْتِقْرَاءً، فَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَتَّحِدُ الْجَمْعُ مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ كَالْحُمُرِ جَمْعُ حِمَارٍ، وَالْأُسُدُ جَمْعٌ لِلرَّجُلِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِمَا كَالْيَدِ، فَإِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي النِّعْمَةِ وَالْجَارِحَةُ عَلَى قَوْلٍ، وَجَمْعُ النِّعْمَةِ عَلَى أَيَادٍ، وَجَمْعُ الْجَارِحَةِ عَلَى أَيْدٍ.

قِيلَ: وَعَلَى مَنْ اعْتَبَرَ هَذِهِ الْعَلَامَةَ سُؤَالٌ، فَإِنَّهُ إذَا اعْتَبَرْنَا اخْتِلَافَ الْجَمْعِ وَجَعْلَهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمُفْرَدِ دَلِيلًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعْنَى، فَهَلَّا فُعِلَ ذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَصْدَرِ مَعَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ مِثْلُ شَعَرَ، فَإِنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالنَّظْمِ، وَمَصْدَرُهُ، فِي النَّظْمِ شِعْرٌ وَفِي الْعِلْمِ شُعُورٌ، وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْفِعْلِ فِي الْحَرَكَاتِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَصْدَرِ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ اخْتِلَافُ أَحَدِهِمَا دَلِيلًا عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015