يَجِيءَ فِي اللُّغَةِ لَفْظَانِ مُتَّفِقَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؟ فَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعَ مَا ثَبَتَ جَوَازُهُ، وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى مَنْعِ هَذَا ثَبَتَ جَوَازُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ لِلشَّيْءِ وَخِلَافِهِ، وَإِذَا جَازَ وُقُوعُهَا لِلشَّيْءِ وَخِلَافِهِ جَازَ وُقُوعُهَا لِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ. إذْ الضِّدُّ ضَرْبٌ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خِلَافٌ ضِدًّا.
قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى جِوَازِ وُقُوعِ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ قَوْله تَعَالَى فِي وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] فَلَا يَكُونُ الطَّمَعُ هَذَا إلَّا بِمَعْنَى الْيَقِينِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الَّذِي يُطْمَعُ فِيهِ، وَيَقَعُ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآخِرَةِ شَكٌّ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِمَعْنَى الْعِلْمِ، لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ لَا يَشُكُّ فِي الْمَغْفِرَةِ. انْتَهَى.