لِلسَّكْرَانِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " قَالَ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِهَا وَالتَّكَلُّمِ بِهَا فِي وَقْتَيْنِ لِعِلْمِ كُلِّ عَاقِلٍ أَنَّهُ يَصِحُّ قَصْدُهُ مِنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِ: لَا تَنْكِحْ مَا نَكَحَ أَبُوك إلَى نَهْيِهِ عَنْ الْعَقْدِ، وَعَنْ الْوَطْءِ جَمِيعًا، وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ " عَنْ مَذَاهِبِ الْمُحَقِّقِينَ وَجَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي أُصُولِهِ ": قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ الِاخْتِيَارُ عِنْدَنَا - أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَقُولَ: الْعَيْنُ مَخْلُوقَةٌ وَنَعْنِي جَمِيعَ مَحَامِلِهَا، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " " وَالْقَوَاطِعِ " عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ.
وَقَالَ صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ": إنَّهُ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فِي " الْعُيُونِ " عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَحَمَلُوا مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْإِنَاءِ، عَلَى الْكَرْعِ وَالشُّرْبِ مِنْ الْإِنَاءِ، وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْكَرْعِ، وَنَسَبَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ لِمَذْهَبِهِمْ. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ الدُّعَاءُ عَلَى الْغَيْرِ وَالْخَبَرُ عَلَى حَالِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ نَحْوَ: " الْوَيْلُ لَهُ " فَهَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِ وَخَبَرٌ عَنْهُ وَلَهُمَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُجَوِّزُونَ فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْجَمِيعِ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَوْ الْمَجَازِ؟ قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَاللَّائِقُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّهُ يُوجِبُ حَمْلَهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ، وَلِهَذَا حُمِلَتْ عَلَى