إلَّا مَا أَفَادَهُ الْمَذْكُورُ الْأَوَّلُ حَكَاهُ الطُّرْطُوشِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ سَمَّى التَّأْكِيدَ مَجَازًا فَيُقَالُ لَهُ: إذَا كَانَ التَّأْكِيدُ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ نَحْوَ عَجِّلْ عَجِّلْ، وَنَحْوُهُ فَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مَجَازًا كَانَ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ عَلَى، مَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِذَا بَطَلَ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَجَازِ بَطَلَ حَمْلُ الثَّانِي عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مِثْلُهُ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةُ [التَّأْكِيدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ]
أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَلَا يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى فَائِدَةٍ مُجَدِّدَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ حَمْلِهِ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْ التَّأْكِيدِ فَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ
أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي تِلْكَ الْفَائِدَةِ بِأَيِّ مَعْنًى كَانَ، وَشَرَطَ الطُّرْطُوشِيُّ كَوْنَهَا مِنْ مُقْتَضَى اللِّسَانِ فَحَذَا بِهَا حَذْوَ اللَّفْظِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى فَائِدَةٍ يُخْرِجُهَا الْفُقَهَاءُ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَضَى لِسَانِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ لُغَةٍ عَلَيْهِمْ، وَمَا قَالَهُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ لَيْسَ مِنْ بَابِ اللَّفْظِ حَتَّى يَلْتَزِمَ فِيهِ أَحْكَامَ اللَّفْظِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الرَّابِعَةُ [أَقْسَامُ التَّأْكِيدِ]
يَنْقَسِمُ إلَى لَفْظِيٍّ وَمَعْنَوِيٍّ، فَاللَّفْظِيُّ يَجِيءُ لِخَوْفِ النِّسْيَانِ أَوْ لِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ، أَوْ لِلِاعْتِنَاءِ، وَهُوَ تَارَةً بِإِعَادَةِ اللَّفْظِ وَتَارَةً يَقْوَى بِمُرَادِفِهِ، وَيَكُونُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ.