لَا أُحِلُّهَا لِمُغْتَسَلٍ، وَهِيَ لِشَارِبٍ حِلٌّ وَبِلٌّ، أَيْ حَلَالٌ وَمُبَاحٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ حَلَالٍ مُبَاحًا لِأَنَّ أَكْلَ الرُّطَبِ حَلَالٌ، وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ حَتَّى يَشْتَرِيَهُ أَوْ يَسْتَوْهِبَهُ اهـ وَهَذَا فَرْقٌ غَرِيبٌ.
التَّأْكِيدُ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ، وَحَكَى الطُّرْطُوشِيُّ فِي الْعُمْدَةِ عَنْ قَوْمٍ إنْكَارَهُ قَالَ: وَمَنْ أَنْكَرَهُ فَهُوَ مُكَابِرٌ، إذْ لَوْلَا وُجُودُهُ لَمْ يَكُنْ لِتَسْمِيَتِهِ تَأْكِيدًا فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الِاسْمَ لَا يُوضَعُ إلَّا لِمُسَمًّى مَعْلُومٍ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَنْكَرَتْ الْمَلَاحِدَةُ الثَّانِيَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ " الْمَحْصُولِ " وَغَيْرِهِ أَنَّ خِلَافَهُمْ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّهُمْ حَكَمُوا بِكَوْنِهِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِنَوْعٍ مِنْ الْقُصُورِ عَنْ تَأْدِيَةِ مَا فِي النَّفْسِ، فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْكِيدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ ذَلِكَ، وَضَلُّوا مِنْ حَيْثُ جَهِلُوا، لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَمِنْوَالِ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ الْكَلَامِ.
وَفِيهِ مَسَائِلُ: [الْمَسْأَلَةُ] الْأُولَى [هَلْ التَّأْكِيدُ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ]
إذَا ثَبَتَ وُقُوعُهُ لُغَةً فَهُوَ حَقِيقَةٌ وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ مَجَازٌ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ