قِيلَ: الْحَدُّ وَالْمَحْدُودُ مُتَرَادِفَانِ وَالصَّحِيحُ: تَغَايُرُهُمَا، لِأَنَّ الْمَحْدُودَ يَدُلُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَالْحَدُّ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ عَلَى أَجْزَائِهَا، فَالِاعْتِبَارَانِ مُخْتَلِفَانِ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْحَدُّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ إنْ أُرِيدَ بِهِ اللَّفْظُ، وَنَفْسُهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى، فَلَفْظُ الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ الَّذِي وَقَعَ الْحَدُّ بِهِ هُوَ الْإِنْسَانُ قَطْعًا، وَمَدْلُولُ هَذَا اللَّفْظِ هُوَ غَيْرُ الْإِنْسَانِ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الْحَدَّ وَالْمَحْدُودَ إنْ لَمْ يَتَّحِدَا فِي الذَّاتِ كَذَبَ الْحَدُّ وَلَمْ يَكُنْ حَدًّا، وَإِنْ اتَّحَدَا صَدَقَ الْحَدُّ، وَلَيْسَ هُوَ الْمَحْدُودَ، لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ النَّحْوِيِّينَ: يَجِبُ اتِّحَادُ الْخَبَرِ بِالْمُبْتَدَأِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ خَبَرًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُوَ هُوَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ كَلَامًا أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ قَوْلَك: زَيْدٌ زَيْدٌ إذَا لَمْ يُقَدَّرْ زَيْدٌ الثَّانِي بِمَعْنًى يَزِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ مُهْمَلًا، وَالْفَائِدَةُ فِي الْخَبَرِ مَعَ الِاتِّحَادِ تَنْزِيلُ الْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ، فَإِنَّ " هَذَا " اسْمُ إشَارَةٍ، فَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُشَارٍ إلَيْهِ، سَوَاءٌ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ فَلَمَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى زَيْدٍ جَاءَتْ الْفَائِدَةُ.
مِنْ كَلَامِهِمْ الْإِتْبَاعُ وَهُوَ أَنْ تَتْبَعَ الْكَلِمَةُ الْكَلِمَةَ عَلَى وَزْنِهَا أَوْ رَوِيِّهَا إتْبَاعًا وَتَوْكِيدًا.