قُلْت: فِيهِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي وَبَنَى عَلَيْهِمَا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَصَلَّى كَذَلِكَ، وَقَدْ سَبَقَ.
وَفِي كَلَامِ الْأَصْفَهَانِيِّ نَظَرٌ، إذْ كَيْفَ يُؤْمَرُ بِعِبَادَةٍ هِيَ فَاسِدَةٌ؟ وَبَنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ " عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ الصِّحَّةِ مَسْأَلَةً: لَوْ تَحَيَّرَ الْمُجْتَهِدُ فِي الْأَوَانِي فَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ، فَتَيَمَّمَ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الصَّبِّ وَجَبَ الْقَضَاءُ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا.
وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الصَّبِّ، وَنَسَبَ الْجُمْهُورُ عَدَمَ الْوُجُوبِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالْخِلَافُ يُلْتَفَتُ عَلَى أَنَّ الصِّحَّةَ مَا هِيَ؟ فَإِنْ قُلْنَا: مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ لَمْ يَلْزَمْ الْإِرَاقَةُ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَهَذَا غَيْرُ وَاجِدٍ لَهُ، إذْ الْوُجُودُ مَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ مَا أَسْقَطَ الْقَضَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّبُّ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِتْيَانِ بِالصَّلَاةِ صَحِيحَةً إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَادِرٌ هَاهُنَا. اهـ.
وَهَذَا يُعْطِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَفْسِيرِ الصِّحَّةِ ثَابِتٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَيْضًا وَقَالَ الْآمِدِيُّ: وَلَا بَأْسَ بِتَفْسِيرِ الصِّحَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ مِنْ تَرَتُّبِ أَحْكَامِهَا الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا يَعْنِي لِأَمْرٍ مَقْصُودِ الْعِبَادَةِ إقَامَةُ رَسْمِ التَّعَبُّدِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْعَبْدِ مِنْهَا.
فَإِذَا أَفَادَتْ ذَلِكَ كَانَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: إنَّهَا كَافِيَةٌ فِي سُقُوطِ التَّعَبُّدِ، فَتَكُونُ صَحِيحَةً.