مُتَنَاهِيَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ شَرْعِيٍّ يُضَافُ إلَيْهِ، لَكِنَّ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا تَنَاهِي النُّصُوصِ فَإِنَّ الْمَعْنَى إذَا ظَهَرَ تَنَاوَلَ ذَلِكَ الْفَرْعَ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْأَذْهَانِ، فَإِنَّ أَفْرَادَ الْعُمُومِ لَا تَتَنَاهَى، فَإِذَا تُصُوِّرَ عَدَمُ التَّنَاهِي فِي الْأَلْفَاظِ فَفِي الْمَعَانِي أَوْلَى، قَالَ الْقَفَّالُ: وَلِأَنَّهُ لَا حَادِثَةَ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهَا حُكْمٌ اشْتَمَلَ الْقُرْآنُ عَلَى بَيَانِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وَرَأَيْنَا الْمَنْصُوصَ لَمْ يُحِطْ بِجَمِيعِ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّا مَأْمُورُونَ بِالِاعْتِبَارِ وَالْقِيَاسِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُزَنِيّ فِي كِتَابِ " إثْبَاتِ الْقِيَاسِ ": لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلنَّظِيرِ حُكْمُ نَظِيرِهِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لَبَطَلَ الْقِيَاسُ، وَلَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إلَّا بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَكَانَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مُهْمَلًا لَا حُكْمَ لَهُ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ.

قَالَ الْمُزَنِيّ فِي كِتَابِ " إثْبَاتِ الْقِيَاسِ ": تَعَلَّقَ الْمَانِعُونَ بِآثَارٍ وَرَدَتْ فِي ذَمِّ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَمَا رَأَى أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا فِي الدِّينِ رَأْيًا وَسَمَّوْا فُرُوعَهُ قِيَاسًا، وَأَغْفَلُوا كَشْفَ الْقَوْلِ فِي الرَّأْيِ الْمُوَافِقِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّمْثِيلِ عَلَيْهِمَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَطِيفًا دَقِيقًا يَحْتَاجُ إلَى حِدَّةِ الْعُقُولِ وَمَعْرِفَةِ مَعَانِي الْأُصُولِ، «كَتَقْرِيرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذًا عَلَى الِاجْتِهَادِ عَلَى أَصْلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ» ، وَقَوْلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَضِيَّةِ الطَّاعُونِ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَتْ لَك إبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا.

وَعَلَى الْمَذْمُومِ يُحْمَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015