لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِلَازِمِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ تَعْرِيفِهِ الْحَدِّيِّ. وَرَدَّهُ الْأَصْفَهَانِيُّ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِاللَّازِمِ شَرْطُهُ اللُّزُومُ الْبَيِّنُ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَازِمٌ، وَإِلَّا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْمَحْدُودَ الْقِيَاسُ الذِّهْنِيُّ، وَثُبُوتُ حُكْمِ الْفَرْعِ الذِّهْنِيِّ أَوْ الْخَارِجِيِّ لَيْسَ فَرْعًا لَهُ. وَرَدَّهُ الْأَصْفَهَانِيُّ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ حُكْمِ الْفَرْعِ الذِّهْنِيِّ فَرْعُ الْقِيَاسِ الذِّهْنِيِّ، لِأَنَّ نَتِيجَتَهُ ذِهْنًا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيفُ لِلْقِيَاسِ الْخَارِجِيِّ الَّذِي هُوَ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ.
وَأَجَابَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَأْخُذْ فِي تَعْرِيفِ الْقِيَاسِ إلَّا الْإِثْبَاتَ لَا الثُّبُوتَ، وَالْمُتَفَرِّعُ عَنْ الْقِيَاسِ الثُّبُوتُ لَا الْإِثْبَاتُ، وَالْحَقُّ أَنَّ الثُّبُوتَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا النَّاشِئُ بِالْقِيَاسِ اعْتِقَادُ الْمُسَاوَاةِ أَوْ الثُّبُوتِ مُسْتَنِدًا إلَى الْعِلَّةِ لَا مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْإِنْصَافُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَيْسَ بِحَدٍّ وَلَا مَطْمَعٍ فِي الْحَدِّ بِمَا يَتَرَكَّبُ مِنْ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحُكْمِ وَالْجَامِعِ.
حَاصِلُ الْقِيَاسِ فِي نَظَرِ الْأُصُولِيِّينَ يَرْجِعُ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِحُكْمِ شَيْءٍ عَلَى آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعَمَّ مِنْ الْآخَرِ، وَيُسَمِّيهِ قَوْمٌ " التَّمْثِيلَ ". وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْمَنْطِقِيِّينَ: فَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِحُكْمِ الْعَامِّ عَلَى حُكْمِ الْخَاصِّ، وَيَرْجِعُ إلَى الْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّتَائِجِ. قَالَ الْإِبْيَارِيُّ: وَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ الْمَدْلُولِ