وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَعَلَّهُ يَرَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ فِي الْأَصْلِ بِالْعِلَّةِ لَا بِالنَّصِّ وَكَذَلِكَ فِي الْفَرْعِ، وَالْقِيَاسُ كَاشِفٌ عَمَّا ثَبَتَ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: هَذَا السُّؤَالُ لَا يَرِدُ مِنْ أَصْلِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ " بِهِمَا " يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفِ صِلَةٍ لِلْحُكْمِ الْمُنَكَّرِ، كَأَنَّهُ قَالَ فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ، وَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثَابِتٌ لِلْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَالْمُثْبِتُ لَهُ فِي الْأَصْلِ النَّصُّ، وَفِي الْفَرْعِ الْقِيَاسُ، فَلَا تَنَاقُضَ. وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِإِثْبَاتٍ. وَمِنْهَا: أَنَّ الصِّفَةَ ثَبَتَتْ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ، كَقَوْلِهِ: إنَّهُ عَالِمٌ فَلَهُ عِلْمٌ، كَمَا فِي الشَّاهِدِ، فَإِنْ انْدَرَجَتْ الصِّفَةُ فِي الْحُكْمِ يَكُونُ قَوْلُهُ: بِجَامِعِ حُكْمٍ أَوْ صِفَةٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمَّا كَانَتْ أَحَدَ أَقْسَامِ الْحُكْمِ كَانَ ذِكْرُ الصِّفَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ تَكْرَارًا، وَإِنْ لَمْ تَنْدَرِجْ كَانَ التَّعْرِيفُ نَاقِصًا، فَهُوَ إمَّا زَائِدٌ وَإِمَّا نَاقِصٌ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِيَاسِ الْجَامِعُ دُونَ أَقْسَامِهِ، وَلَوْ وَجَبَ ذِكْرُ أَقْسَامِهِ لَوَجَبَ ذِكْرُ أَقْسَامِ الْحُكْمِ. وَمِنْهَا: الْقِيَاسُ الْفَاسِدُ خَارِجٌ عَنْهُ، لِأَنَّ الْجَامِعَ مَتَى حَصَلَ صَحَّ الْقِيَاسُ. وَقَالَ إلْكِيَا: هُوَ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا يَرْجِعُ إلَى شُرُوطٍ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي التَّحْدِيدِ، وَكَذَلِكَ صَرَّحَ الْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ بِشُمُولِهِ لَهَا. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالصَّحِيحِ - تَبَعًا لِلْآمِدِيِّ - فَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَا.

وَمِنْهَا: قَالَ الْآمِدِيُّ: الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقِيَاسِ إجْمَاعًا وَلَيْسَ بِرُكْنٍ فِي الْقِيَاسِ، فَإِنَّ نَتِيجَةَ الدَّلِيلِ لَا تَكُونُ رُكْنًا فِي الدَّلِيلِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الدَّوْرِ، فَيَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ رُكْنًا فِي الْقِيَاسِ الدَّوْرُ الْمُمْتَنِعُ. وَأَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ تَعْرِيفَ الدَّلِيلِ بِنَتِيجَتِهِ تَعْرِيفًا رَسْمِيًّا تَعْرِيفٌ جَائِزٌ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015