الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مِمَّا احْتَطْت بِهِ فِي الشَّهَادَاتِ. وَإِنَّمَا أَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ لَا أَقْبَلُ حَدِيثَهُ لِكِبَرِ أَمْرِ الْحَدِيثِ، وَمَوْقِعِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يُتْرَكُ مِنْ الْحَدِيثِ، فَيَخْتَلُّ مَعْنَاهُ، فَإِذَا كَانَ الْحَامِلُ لِلْحَدِيثِ يَجْهَلُ الْمَعْنَى لَمْ يُقْبَلْ حَدِيثُهُ، هَذَا لَفْظُهُ. ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ حُكْمٌ فَاخْتِلَافُ اللَّفْظِ فِيهِ لَا يُحِيلُ مَعْنَاهُ، وَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فِي اللَّفْظِ، فَقُلْت لِبَعْضِهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُخِلَّ مَعْنًى، ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ " فِي بَابِ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ: إنَّمَا صِرْت لِاخْتِيَارِ تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَ غَيْرِهِ، لِمَا رَأَيْته وَاسِعًا، وَسَمِعْته عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا، كَانَ عِنْدِي أَجْمَعُ، وَأَكْثَرُ لَفْظًا مِنْ غَيْرِهِ، فَأَخَذْت بِهِ. انْتَهَى.
خَامِسَ عَشَرَهَا: تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى بِشَرْطِهِ السَّابِقِ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ، فَعَلَيْهِمَا أَنْ يُؤَدِّيَا مَا سَمِعَاهُ مَشْرُوحًا، فَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ رَهْنٌ بِأَلْفَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ نَاقِلٌ، وَالِاجْتِهَادُ إلَى الْحَاكِمِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّةِ هَذَا دِرْهَمًا. هَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، الْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَيُعْمَلُ بِهَا. وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مُتَمَذْهِبًا بِمَذْهَبِ الْقَاضِي سُمِعَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ: زَنَيْت، وَآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانِي، لَمْ يَثْبُتْ الْقَذْفُ. كَمَا لَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَذْفٍ بَلَغَهُ.
حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ " فِي بَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ.