قَوْلَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رَوَى كَانَ فِي ذَلِكَ مَا يُسْنِدُ. وَمِنْهَا: مَا يُؤْخَذُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ وَمَا يُوَافِقُ الْخَبَرَ الْمُرْسَلَ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ إذَا سَمَّى مَنْ رَوَى عَنْهُ، لَمْ يُسَمِّ مَجْهُولًا، وَلَا مَرْغُوبًا عَنْهُ فِي الرِّوَايَةِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ إذَا أَشْرَكَ أَحَدًا مِنْ الْحُفَّاظِ فِي حَدِيثِهِ لَمْ يُخَالِفْهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ: وَإِذَا وُجِدَتْ الدَّلَائِلُ بِصِحَّةِ حَدِيثِهِ بِمَا وَصَفْت أَحْبَبْنَا أَنْ يُقْبَلَ مُرْسَلُهُ، وَلَا نَزْعُمُ أَنَّ الْحُجَّةَ ثَبَتَتْ ثُبُوتَهَا بِالْمُتَّصِلِ.
وَقَالَ: فَأَمَّا مَنْ بَعْدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ كَثُرَتْ مُشَاهَدَتُهُمْ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ، فَلَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَاحِدًا يُقْبَلُ مُرْسَلُهُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الشَّرَائِطِ مَا ذُكِرَ.
قَالَ: وَأَشَارَ إلَى قُوَّةِ مَرَاسِيلِ كِبَارِ التَّابِعِينَ عَلَى مَرَاسِيلِ مَنْ دُونَهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحُجَّةُ بِالْمُنْقَطِعِ ثُبُوتَهَا بِالْمُتَّصِلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَرَاسِيلِ عِنْدَهُ ضَعِيفٌ، وَمَشْهُورٌ عَلَى لِسَانِ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ تَضْعِيفُهُ لِلْمَرَاسِيلِ، وَالْوَجْهُ فِي تَضْعِيفِهِ مَا أَوْمَأْنَا إلَيْهِ مِنْ جَهَالَةِ الْوَاسِطَةِ. انْتَهَى كَلَامُ الْقَفَّالِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي بَابِ النَّفَقَةِ مِنْ الْحَاوِي " إنَّ مُرْسَلَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حَسَنٌ، وَأَنَّ الْمُرْسَلَ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الشَّوَاهِدُ أَوْ بَعْضُهَا يُسَوَّغُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ لُزُومَ الْحُجَّةِ بِالْمُتَّصِلِ، وَكَأَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُسَوِّغُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ ": لَمْ نَجِدْ حَدِيثًا ثَابِتًا مُتَّصِلًا خَالَفَهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا، وَقَدْ وَجَدْنَا مَرَاسِيلَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِهَا، وَذَكَرَ مِنْهَا حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ الْآتِي قَرِيبًا، وَظَنَّ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ