إحْدَاهُمَا: أَنْ يَرْوِيَ الصَّحَابِيُّ عَنْ صَحَابِيٍّ، وَلَا يُسَمِّيهِ، فَذَلِكَ وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ. وَالثَّانِي: التَّابِعِيُّ إذَا أَرْسَلَ وَسَمَّى، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا أَنْ لَا يَرْوِيَ إلَّا عَنْ صَحَابِيٍّ مِثْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَإِرْسَالُهُ وَإِسْنَادُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. انْتَهَى.

وَهَذَا مَعْنًى آخَرُ فِي قَبُولِ مُرْسَلِ سَعِيدٍ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ ": مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَلَيْسَ يُغْنِي، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُرْسَلِ سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ أَبَدًا، وَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَهُ، أَرَادَ بِهِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ. انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: الْمُرْسَلُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَإِرْسَالُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عِنْدَنَا حَسَنٌ، وَأَخَذَ بِذَلِكَ فِي الْجَدِيدِ فِي مَسَائِلَ مَعْدُودَةٍ، مِنْهَا بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عِنْدَنَا: " إرْسَالُهُ حَسَنٌ "، أَنَّهُ تَتَبَّعَ أَخْبَارَهُ كُلَّهَا، فَوَجَدَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا مُتَّصِلَةً، فَاكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطَلُّبِ كُلِّ حَدِيثٍ بَعْدَ مُرَادِهِ مِنْ الْجُمْلَةِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ تَخْصِيصَهُ عَنْ سَائِرِ الْمَرَاسِيلِ. انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ: قَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ يَسْتَحْسِنُ إرْسَالَ سَعِيدٍ، وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إلَى أَنَّ عَامَّةَ مَرَاسِيلِهِ إذَا انْعَقَدَتْ وُجِدَ لَهَا فِي الرِّوَايَاتِ الْمَوْصُولَةِ أَصْلٌ، وَإِنَّا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الضُّعَفَاءِ أَرْسَلَ عَنْهُ، وَلَا رَوَى عَنْهُ، بَلْ جُمْلَةُ رِوَايَاتِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالثِّقَاتِ، مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ الْجَدِيدَةِ " أَنَّ الْحَدِيثَ يُعْتَبَرُ بِأُمُورٍ: مِنْهَا: أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا أَرْسَلَ فَإِنْ شَرَكَهُ فِيهِ الْحُفَّاظُ الْمَأْمُونُونَ، فَأَسْنَدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015