ابْنُ السَّمْعَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْفِعْلَ لَا يَنْسَخُ الْقَوْلَ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ بِالْفِعْلِ عَلَى تَقَدُّمِ النَّسْخِ بِالْقَوْلِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَنْسُوخًا بِمِثْلِهِ مِنْ الْقَوْلِ، لَكِنَّ فِعْلَهُ بَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلَ.
الرَّابِعُ: إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، كَنَسْخِ رَمَضَانَ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَنَسْخِ الزَّكَاةِ سَائِرَ الْحُقُوقِ فِي الْمَالِ، ذَكَرَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَيْضًا، وَكَذَا حَدِيثُ: «مَنْ غَلَّ صَدَقَتَهُ، فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ» وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى تَرْكِ اسْتِعْمَالِهِمْ هَذَا، فَدَلَّ عُدُولُهُمْ عَنْهُ عَلَى نَسْخِهِ. انْتَهَى. وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، فِيمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ، فَقَالَ: وَلَا يُسْتَدَلُّ عَلَى النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ إلَّا بِخَبَرٍ - عَنْ الرَّسُولِ - آخَرَ مُؤَقَّتٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ، أَوْ بِقَوْلِ مَنْ سَمِعَ الْحَدِيثَ أَوْ الْعَامَّةِ. انْتَهَى. وَجَرَى عَلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي " النَّاسِخِ " مِنْ كِتَابِهِ، وَالشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ "، وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي "، وَقَالَ: يَكُونُ الْإِجْمَاعُ مُبَيِّنًا لَا نَاسِخًا. وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي: يُسْتَدَلُّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَعَهُ خَبَرًا بِهِ وَقَعَ النَّسْخُ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْسَخُ. وَلَمْ يَجْعَلْ الصَّيْرَفِيُّ