وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ لِأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، وَاَلَّذِي فِي " الْمُعْتَمَدِ " تَفْصِيلٌ آخَرُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَاَلَّذِي فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْهُ الْمَنْعُ فِيهِمَا.
وَالرَّابِعُ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْعُمُومِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيَانِ مَفْهُومٌ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمُجْمَلِ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيَانِ غَيْرُ مَفْهُومٍ، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَجْهًا لِأَصْحَابِنَا. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَأَمَّا الْمَازِرِيُّ فَحَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَكُنْت أُصَوِّبُهُ. وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِهِ: لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَالْخَامِسُ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْأَخْبَارِ كَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هَكَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْكَرْخِيِّ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ مَذْهَبَ الْكَرْخِيِّ هُوَ مَا قَدَّمْنَا قَبْلُ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ بِهَذَا الْمَذْهَبِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. اهـ. وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي " مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ "، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَالْغَزَالِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلنَّهْيِ.
وَالسَّادِسُ: عَكْسُهُ، حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَيْضًا، وَنَازَعَ بَعْضُهُمْ فِي حِكَايَةِ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ الْخِطَابُ التَّكْلِيفِيُّ، فَلَا يَذْكُرُ فِيهِمَا الْأَخْبَارَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَالسَّابِعُ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ بَيَانِ النَّسْخِ دُونَ غَيْرِهِ، وَحَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ "، وَأَبُو عَلِيٍّ، وَابْنُهُ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ.