الْأَحْكَامِ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ دَلِيلٌ فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا فِي " الْإِرْشَادِ ". وَجَمَعَ الْأَصْفَهَانِيُّ شَارِحُ " الْمَحْصُولِ " ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُجْمَلٌ.
وَالثَّانِي: الْحَمْلُ عَلَى رَفْعِ الْعِقَابِ آجِلًا وَالْإِثْمِ نَاجِزًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ، وَلَيْسَ بِعَامٍّ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ. الثَّالِثُ: وَاخْتَارَهُ الرَّازِيَّ فِي " الْمَحْصُولِ " حَمَلَهُ عَلَى رَفْعِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
قُلْت: وَمِمَّنْ حَكَى الثَّلَاثَةَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ "، وَنَسَبَ الثَّالِثَ لِأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِهِمْ، وَاخْتَارَ هُوَ الثَّانِيَ أَعْنِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ وَالْحَرَجِ خَاصَّةً. .
مَسْأَلَةٌ فِي أَنَّ لَفْظَ الشَّارِعِ إذَا دَارَ بَيْنَ مَدْلُولَيْنِ
إنْ حُمِلَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَفَادَ مَعْنًى وَاحِدًا، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْآخَرِ أَفَادَ مَعْنَيَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ أَظْهَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَحَدِهِمَا، فَهَلْ هُوَ مُجْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْ هُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى إفَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ؟ قَالَ الْهِنْدِيُّ: ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى الثَّانِي، وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ إلَى أَنَّهُ مُجْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قُلْت: وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْآمِدِيَّ تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْإِجْمَالِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، فَمَنْ لَمْ.