الْحَصْرُ فِيهِ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ كَ " إلَّا " وَتَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَحْصُورِ. وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَا جَازَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ " مَا " وَإِلَّا. وَذَهَبَ الْبَصْرِيُّونَ وَالْفَرَّاءُ وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفَاعِلُ هُوَ الْمَقْرُونَ بِإِلَّا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ هُوَ الْمَقْرُونَ بِإِلَّا لَمْ يَجِبْ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ، بَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَتَأْخِيرُهُ. وَحَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ النَّحَّاسِ فِي التَّعْلِيقَةِ ".
الْخَامِسُ: ادَّعَى الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ " أَنَّ " أَنَّمَا " الْمَفْتُوحَةَ لِلْحَصْرِ. قَالَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء: 108] وَبِهِ صَرَّحَ التَّنُوخِيُّ فِي الْأَقْصَى الْقَرِيبِ " وَأَنْكَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ حَيَّانَ، وَقَالَ: إنَّمَا يُعْرَفُ فِي الْمَكْسُورَةِ لَا الْمَفْتُوحَةِ. وَاعْتِرَاضُهُ مَرْدُودٌ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَكْسُورَةَ هِيَ الْأَصْلُ، وَأَنَّ الْمَفْتُوحَةَ فَرْعُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَكْسُورَةِ، ثُمَّ عَرَضَ لَهَا الْفَتْحُ لِقِيَامِهَا مَقَامَ الْمُفْرَدِ، فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي بَقَاءَ ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَثَانِيهمَا: أَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ فِي إنْكَارِ الصِّفَاتِ. نَعَمْ رَأَيْت فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ " مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي الْحَصْرَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ " إنَّمَا " وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ " أَنَّ " يَقَعَ " أَنَّمَا " وَمَا بَعْدَهَا صِلَتُهَا كَمَا فِي " الَّذِي " وَلَا تَكُونُ هِيَ عَامِلَةً فِيمَا بَعْدَهَا كَمَا لَا يَكُونُ " الَّذِي " عَامِلًا