طاوس اليماني، قال: قلت لابن عباس: زعموا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم، إلا أن تكونوا جُنُبًا، ومسُّوا من الطيب"، قال: فقال ابن عباس: أما الطيب، فلا أدري، وأما الغسل، فنعم. انتهى.
وجاء في هامش "الإحسان": هذا رواه شعيب، عن الزهري بلفظ: "وإن لم تكونوا جنبًا"، وروايته أصح (?).
وقال في "الفتح": معناه اغتسلوا يوم الجمعة إن كنتم جنبًا للجنابة، وإن لم تكونوا جنبًا للجمعة، وأُخذ منه أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجزئ عن الجمعة، سواء نواه أو لا، وفي الاستدلال على ذلك بُعْد.
نعم رَوَى ابنُ حبان من طريق ابن إسحاق، عن الزهري في هذا الحديث: "اغتسلوا يوم الجمعة، إلا أن تكونوا جنبًا"، وهذا أوضح في الدلالة على المطلوب، لكن رواية شعيب عن الزهري أصح. انتهى.
والحاصل أن هذا الحديث يدل على أن الغسل الواحد يكفي للجنابة والجمعة، إذا نواه عنهما.
والظاهر أن استبعاد الحافظ الاستدلال به إنما هو في قوله: "نواه للجمعة أم لا"، لا في الاجتزاء بغسل واحد عنهما، وهو ظاهر؛ لأن العبادة المشتركة لا بد من نيّتهما معًا حال أدائها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم فيمن أحدث بعد الاغتسال:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختلفوا في الرجل يغتسل للجمعة، ثم يُحدث، فاستحبت طائفة أن يعيد الاغتسال له.
وبه قال طاوس، والزهري، وقتادة، ويحيى بن أبي كثير، وقال الحسن البصري: يعيد الغسل، وقال إبراهيم التيمي: كانوا يقولون: إذا أحدث بعد الغسل عاد إلى حالته التي كان عليها قبل أن يغتسل.
وقالت طائفة: يُجزيه الوضوء، كذلك قال الحسن، ومجاهد، وكذلك