هذا قول الشافعيّ، ومال إلى هذا أحمد بن حنبل، وإسحاق، ولم يشترطا الشروط التي اشترطها الشافعيّ.

وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز قولًا ثالثًا، أنه قال: أيما قرية فيها أربعون، فصاعدًا، عليهم إمام يقضي بينهم، فليخطب، وليصلّ ركعتين، ففي هذه الرواية عن عمر أنه ذكر إمامًا يقضي بينهم، ولم يشترط ذلك الشافعي، وأحمد، وإسحاق، واشترط الشافعيّ شروطًا لم يذكرها عمر بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق.

وفيه قول خامس: وهي الرواية الرابعة عن عمر بن عبد العزيز، كتب عمر: أيما قرية اجتمع فيها خمسون رجلًا، فليؤمّهم رجل منهم، وليخطب عليهم، وليصل بهم الجمعة.

وفيه قول سادس: وهو إذا لم يحضر الإمامَ إلا ثلاثة صلى الإمام الجمعة، قال الوليد: سألت الأوزاعيّ عن إمام الجمعة لم يحضره جماعة؟ قال: فليُجمّع بهم، قلّوا أو كثروا، قيل له: وإن لم يكن إلا ثالث ثلاثة؟ قال: نعم. وحكى غير الوليد عن الأوزاعيّ أنه قال: إذا كانوا ثلاثة فليُجمّعوا، إذا كان فيهم أميرهم.

وكان أبو ثور يقول: الجمعة كسائر الصلوات، إلا أن فيها خطبة، وقصرًا من الأربع، فمتى كان إمام، وخطب بهم صلى الجمعة.

واحتجّ بحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنه كتب إلى عمر بن الخطاب، يسأله عن الجمعة بالبحرين، فكتب إليه أن جمّعوا حيثما كنتم.

وقد روينا عن مكحول أنه قال: إذا كانت القرية فيها الجماعة صلّوا الجمعة ركعتين.

وسئل مالك عن القرية التي تكون فيها جماعة المسلمين؟ قال مالك: إنا نقول: إذا كان فيها مسجد، يقيمون الصلاة يجمّعون فيه، وأسواقها قائمة، وبيوتها متصلة، ليس كبيوت أهل البادية، فأرى أن يجمّعوا، وقال مالك في القرية التي اتصل دُورها: فأرى أن يجمّعوا الجمعة، كان عليهم وال، أو لم يكن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015