قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفوا في الأمصار والقرى التي يجب على أهلها الجمعة:

فقال طائفة: على كل قرية فيها جماعة أن يصلّوا الجمعة، روينا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: "إن أول جمعة جمّعت بعد جمعة بالمدينة، لَجُمعة جمّعت بجُوَاثَى من البحرين".

وروينا عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمّعون، ولا يعيب ذلك عليهم.

وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أهل المياه بين مكة والمدينة أن يُجمّعوا.

وقال طائفة: كلّ قرية عليهم أمير يُجمّع فيها، وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: أيما قرية فيها أمير، يقضي، ويقيم الحدود، فإنه يُجمّع فيها، وقال الأوزاعي: كل مدينة، أو قرية عليها أمير، أُمرُوا بالجمعة، فليجمّع بهم أميرهم، وقال الليث بن سعد: كل مدينة، أو قرية فيها جماعة، وعليهم أمير أُمروا بالجمعة، فليُجمّع بهم.

وقالت طائفة: لا جمعة، ولا تشريق إلا في مصر جامع، يُروى هذا القول عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، وبه قال النخعيّ، وكان الحسن البصريّ، ومحمد بن سيرين، يقولان: لا جمعة إلا في مصر، أو قال: في الأمصار.

وقال الحسن: إن عمر مصّر سبعة أمصار، أو قال: مصّر الأمصار سبعة: المدينة، والبحرين، والبصرة، والكوفة، والجزيرة، والشام، ومصر.

وقال النعمان، وابن الحسن: لا تجب الجمعة، إلا على أهل الأمصار، والمدائن، وحكي عن يعقوب أنه قال: تفسير المصر الجامع والمدينة: كل مصر، ومدينة فيها منبر وقاض يُنفّذ الأحكام، ويجوز حكمه، ويقيم الحدود، قال: فهذا مصر جامع، فيه الجمعة.

وقالت طائفة: كل قرية فيها أربعون رجلًا، والقرية: البناء بالحجارة، واللبن، والجريد، والشجر، وتكون بيوتها مجتمعة، ويكون أهلها لا يظعنون شتاءً، ولا صيفًا، إلا ظعن حاجة، فإذا كانوا أربعين رجلًا أحرارًا بالغين رأيت -واللَّه أعلم- أن عليهم الجمعةَ، فإذا صلّوا الجمعة أجزأت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015