رسول اللَّه، ثم أتى قومه، فدعاهم إلى الإسلام، وفي رواية البيهقيّ: فسقط السيف من يد الأعرابيّ، فأخذه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: "من يمنعك مني؟ "، قال: كن خير آخذ، قال: فتُسْلِمُ؟ قال: لا، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلَّى سبيله، فأتى أصحابه، فقال: جئتكم من عند خير الناس. انتهى.
ويُجمع بين قوله: "فها هو جالسٌ، ثم لم يُعاقبه"، وبين رواية ابن إسحاق بأن قوله: "فاذهب لشأنك" كان بعد أن أخبره الصحابة بقصّته، فمنّ عليه؛ لشدّة رغبته -صلى اللَّه عليه وسلم- في استئلاف الكفّار؛ ليدخلوا في الإسلام، ولم يؤاخذه بما صنع، بل عفا عنه، وقد تقدّم أنه أسلم بعد ذلك، وأنه رجع إلى قومه، واهتدى به خلق كثير (?).
(قَالَ) جابر -رضي اللَّه عنه- (فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ) أي: أُذّن، وأقيم للصلاة (فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) ثم سلّم وسلّموا (ثُمَّ تَأَخَّرُوا) أي: إلى جهة العدوّ (وَصَلَّى) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- متنفّلًا (بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى) أي: التي كانت في مواجهة العدوّ بعد مجيئها إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- (رَكْعَتَيْنِ) ثم سلّم وسلّموا (قَالَ) جابرٌ -رضي اللَّه عنه- (فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ) أي: بتسليمتين فرضًا ونفلًا (وَللْقَوْمِ رَكْعَتَانِ) فرضًا، واستُدِلّ به على جواز صلاة المفترض خلف المتنفّل، كذا قرّره النوويّ وغيره، وهو الحقّ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [57/ 1949 و 1950] (843) وفي "الفضائل" 5950 (?)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (2910 و 2913) و"المغازي" (4134