بيده سيفٌ مشهورٌ، وموتٌ حاضرٌ، ولم يتَغَيَّرْ له -صلى اللَّه عليه وسلم- بحال، ولا حَصَلَ له رَوْعٌ ولا جَزَعٌ، وهذا من أعظم الكرامات، ومع اقتران التحدِّي يكون من أوضح المعجزات. انتهى (?).
(قَالَ) جابر -رضي اللَّه عنه- (فَتَهَدَّدَهُ) أي: خوّفه (أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) ظاهره يُشعر بأنهم حضروا القصّة، وأنه إنما رجع عما كان عزم عليه بالتهديد، وليس كذلك، فإنه وقع في رواية للبخاريّ بعد قوله: "فعلّق بها سيفه"، قوله: "قال جابرٌ: فنِمنا نومةً، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعونا، فجئنا، فإذا عنده أعرابيّ جالسٌ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن هذا اخترط عليّ سيفي، وأنا نائم، فاستيقظت، وهو في يده صَلْتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: اللَّه ثلاثًا، ولم يعاقبه، وجلس"، فقد بيّنت هذه الرواية أن هذا القدر لم يحضره الصحابة، وإنما سمعوه من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد أن دعاهم، واستيقظوا من نومهم.
ووقع في رواية أخرى للبخاريّ بعد قوله: "قلت: اللَّه، فشام السيف"، والمراد أغمده، وكأن الأعرابيّ لَمّا شاهد ذلك الثبات العظيم، وعَرَفَ أنه حيل بينه وبينه تحقّق صدقه، وعَلِمَ أنه لا يصل إليه، فألقى السلاح، وأمكن من نفسه، واللَّه تعالى أعلم.
(فَأَغْمَدَ السَّيْفَ) من الإغماد؛ أي: أدخله في غلافه (وَعَلَّقَهُ) أي: على مكانه.
وعند ابن إسحاق: لَمّا نزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تحت شجرة نَزَعَ ثوبيه، ونَشَرَهما على الشجرة؛ لِيَجِفَّا من مطر أصابه، واضطجع تحتها، فقال الكفار لدعثور، وكان سيدهم، وكان شجاعًا: قد انفرد محمد، فعليك به، فأقبل ومعه صارمٌ حتى قام على رأسه، فقال: من يمنعك مني؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللَّه، فدفع جبريل -عليه الصلاة والسلام- في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: من يمنعك أنت مني اليوم؟ قال: لا أحد، فقال: قم، فاذهب لشأنك، فلما وَلَّى قال: أنت خير مني، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنا أحق بذلك منك، ثم أسلم بعدُ، وفي لفظ: قال: وأنا أشهد أن لا إله إلَّا اللَّه، وأنك