على أقدامهم يؤيّد الحنفيّة في نفي الصلاة في حالة المشي، وإليه يظهر ميل البخاريّ حيث قال: "باب صلاة الخوف رجالًا وركبانًا" راجل: قائمٌ، قال الحافظ: يريد به أن المراد به ههنا القائم، ويُطلق على الماشي أيضًا، وهو المراد في "سورة الحجّ" {يَأْتُوكَ رِجَالًا} الآية. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كلُّ من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: إن المطلوب يصلي على دابته يومئ إيماءً، وإن كان طالبًا نزل فصلى على الأرض، قال الشافعيّ: إلا أن ينقطع عن أصحابه، فيخاف عود المطلوب عليه، فيجزئه ذلك.

قال: وعُرِف بهذا أن الطالب فيه التفصيل، بخلاف المطلوب، ووجه الفرق أن شدة الخوف في المطلوب ظاهرةٌ؛ لتحقق السبب المقتضي لها، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه، وإنما يخاف أن يفوته العدوّ.

قال: وما نقله ابن المنذر متعقَّب بكلام الأوزاعيّ، فإنه قيّده بخوف الفوت، ولم يستثن طالبًا من مطلوب، وبه قال ابن حبيب من المالكية، وذكر أبو إسحاق الفزاريّ في "كتاب السير" له عن الأوزاعيّ، قال: إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صَلَّوا حيث وَجَّهوا على كل حال. انتهى (?).

وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكره كلام ابن عمر المذكور ما نصّه: قال في "الموطّأ": مستقبل القبلة، وغير مستقبلها، وبهذا أخذ مالك، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وعامّة الفقهاء، ويشهد له قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239]، قال بعض علمائنا: بحسب ما يتمكّن منه، وقال جماعة من الصحابة، والسلف: يصلّي في الخوف ركعةً يومئ إيماءً، وقاله الضحّاك، قال: فإن لم يقدر على ركعة فتكبيرتين حيث كان وجهه، وقال إسحاق: إن لم يقدر على ركعة إنما يصلي سجدة، فإن لم يقدر فتكبيرة، وقال الأوزاعيّ نحوه، إذا تهيّأ الفتح، لكن إن لم يقدر على ركعة، ولا على سجدة لم تجزه التكبيرة، وأخّرها حتى يأمنوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015