3 - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله: "طائفة" على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد، لكن لا بد أن تكون التي تحرس يحصل الثقة بها في ذلك، والطائفة تطلق على الكثير والقليل، حتى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة، ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلي بواحد، ويحرس واحد، ثم يصلي الآخر، وهو أقلّ ما يُتَصَوَّر في صلاة الخوف جماعة على القول بأقل الجماعة مطلقًا، لكن قال الشافعي: أكره أن تكون كل طائفة أقلّ من ثلاثة؛ لأنه أعاد عليهم ضمير الجمع بقوله: {أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]، ذكره النوويّ وغيره (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في كيفية صلاة الخوف:

قال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كان مالك يقول بحديثه عن يزيد بن رُومان أن الإمام ينتظر تمام الطائفة الثانية، ويسلّم بهم، وهو قول الشافعيّ، واختياره، ثم رجع مالك عن ذلك إلى حديث يحيى بن سعيد، عن القاسم أن الإمام يسلّم إذا أكمل صلاته، ويقوم مَن وراءه، فيأتون بركعة، ويسلّمون، وقد زاد ابن القاسم في "الموطأ" في آخر حديث يحيى بن سعيد: وقال مالك: هذا الحديث أحبّ إليّ، قال أحمد بن خالد: وبه قال جماعة أصحاب مالك، إلَّا أشهب، فإنه أخذ بحديث ابن عمر في صلاة الخوف.

ومن حجة مالك في اختياره حديث القاسم بن محمد القياسُ على سائر الصلوات في أن الإمام ليس له أن ينتظر أحدًا سبقه بشيء، وأن السنّة المجتمع عليها أن يقضي المأمومون ما سُبقوا به بعد سلام الإمام. وقول أبي ثور في ذلك كقول مالك سواءً؛ لحديث القاسم، عن صالح بن خوّات، عن سهل بن أبي حثمة.

وقال الشافعي: حديث يزيد بن رُومان، عن صالح بن خَوّات مسندٌ، والمصير إليه أولى من حديث القاسم؛ لأنه موقوف (?)، قال: وهو أشبه الأحاديث في صلاة الخوف بظاهر كتاب اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015