(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولأحمد "فلما انصرف قال": ("إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ) أي: صلاة العصر (عُرِضَتْ) بالبناء للمفعول، يقال: عَرَضَ عليه الشيءَ: أراه إِيَّاه (?). (عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) وفي نسخة: "على من قبلكم"؛ أي: اليهود، والنصارى قاله القاري (فَضَيَّعُوهَا) أي: لَمْ يقوموا بحقّها، وما حافظوا على مراعاتها، فأهلكهم اللَّه تعالى، فاحذروا أن تكونوا مثلهم، ولذا قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]؛ أي: العصر على الصحيح، خصت بالمحافظة، قاله القاري.

وفي رواية لأحمد: "فَتَوَانَوْا فيها، وتَرَكُوها".

(فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا) ولأحمد: "فمن صلاها منكم" (كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ) إحداهما: للمحافظة عليها، خلافًا لمن قبلهم، والثانية أجر عمله كسائر الصلوات، قاله الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، أو أجر للمحافظة على العبادة، وأجر لترك البيع والشراء بالزَّهَادة، فإن وقت العصر كان زمان سوقهم، وأوان شغلهم، وقال ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِيّ: مرةً لفضلها؛ لأنَّها الوُسْطَى، ومرة للمحافظة عليها، ومشاركةُ بقية الصلوات لها في هذا لا يؤثر في تخصيصها بمجموع الأمرين، قاله في "المرقاة" (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أظهر، فتأمل، واللَّه أعلم.

(وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا) أي: بعد صلاة العصر (حَتَّى يَطْلُعَ) تقدّم أنه بضمّ اللام، من باب قعد (الشَّاهِدُ، وَالشَّاهِدُ النَّجْمُ") مبتدأ وخبره، سُمِّي شاهدًا؛ لأنه يَشْهَدُ الليلَ؛ أي: يَحْضُر ويظهر فيه، ومنه قيل لصلاة المغرب: صلاة الشاهد، ويجوز أن يُحْمَل على الاستعارة، شُبِّهَ النجمُ عند طلوعه دليلًا على وجود الليل بالشاهد الذي تَثبتُ به الدَّعَاوِي، قاله الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

وقال في "اللسان": ورَوَى شَمِر فِي حديث أبي أيوب الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه-: أنه ذكر صلاة العصر، ثم قال: ولا صلاة بعدها حتى يُرَى الشاهد، قال: قلنا لأبي أيوب: ما الشاهد؟ قال: النجم، كأنه يَشْهَدُ في الليل؛ أي: يَحْضُرُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015