اتّصل به، فالتقدير: يا ربَّ جبريل، قال الزجّاج: هذا قول سيبويه، وعندي أنه صفة، فكما لا تمتنع الصفة مع "يا" فلا يمتنع مع الميم، قال أبو عليّ: قول سيبويه عندي أصحّ؛ لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حدّ "اللَّهمّ"، ولذلك خالف سائر الأسماء، ودخل في حيّز ما لا يوصف، نحو "حيّعَلْ"، فإنهما صارا بمنزلة صوت مضموم إلى اسم، فلم يوصف. انتهى (?).
(وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ) قال العلماء -رحمهم اللَّه تعالى-: خصَّهم بالذي، وإن كان اللَّه تعالى ربَّ كلِّ المخلوقات، كما تقرر في القرآن والسنة من نظائره، من الإضافة إلى كل عظيم المرتبة، وكبير الشان، دون ما يُستحقَر ويُستَصغَر، فيقال له -عَزَّ وَجَلَّ- ربُّ السماوات والأرض، رب العرش الكريم، ورب الملائكة والروح، رب المشرقين ورب المغربين، رب الناس، مالك الناس، إله الناس، رب العالمين، رب كل شيء، رب النبيين، خالق السماوات والأرض، فاطر السماوات والأرض، جاعل الملائكة رسلًا، فكل ذلك وشبهه وصف له -عَزَّ وَجَلَّ- بدلائل العظمة، وعظيم القدرة والملك، ولم يُسْتَعْمَل ذلك فيما يُحتقَر ويُستصغَر، فلا يقال: رب الحشرات، وخالق القِرَدة والخنازير، وشبه ذلك على الإفراد، وإنما يقال: خالق المخلوقات، وخالق كل شيء، وحينئذ تدخل هذه في العموم، واللَّه تعالى أعلم، قاله النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وقال في "المنهل": إنما خصّ الثلاثة المذكورين من الملائكة بالذكر؛ تشريفًا لهم وتعظيمًا؛ إذ بهم تنتظم أمور العباد؛ لأن جبريل كان موكّلًا بالوحي، وإنزال الكتب السماويّة على الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وتعليم الشرائع، وأحكام الدين، وميكائيل موكّلٌ بجميع القطر، والنبات، وأرزاق بني آدم وغيرهم، وإسرافيل موكّلٌ باللوح المحفوظ، وهو الذي ينفُخ في الصور. انتهى (?).
(فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: مُبدعهما، ومبتدئ خلقهما (عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) أي: ما غاب عن العباد، وما شاهدوه، وظهر لهم، وقال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الغيب: ما غاب عن عياننا، والشهادة: ما شاهدناه؛ أي: علمناه