بمشاهدتنا. انتهى. (أَنْتَ تَحْكُمُ) أي: تقضي يوم القيامة بالتمييز بين المحقّ والمبطل بالثواب والعقاب (بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي: في الدنيا من أمر دينهم، فتُعذّب العاصي إن شئتَ، وتُثيب الطائعين (اهْدِنِي) أي: ثبّتني عليه، أو زدني هدايةً، كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)}، وقال القرطبيّ: أي: أرشدني، ودُلّني على صواب ما اختُلِف فيه (لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ) ببناء الفعل للمفعول.

قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واللام بمعنى "إلى"، يقال: هداه إلى كذا، ولكذا، و"ما" موصولة، والذي اختُلف فيه عند مجيء الأنبياء هو الصراط المستقيم الذي دَعَوا الناس إليه، فاختلفوا فيه، كما قال اللَّه تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} الآية [البقرة: 213]، كأنه قيل: اهدني إلى الصراط المستقيم، وطَلَبُ الهداية، وهو فيها طلبٌ للثبات عليها، أو طلبٌ للزيادة على ما مُنِح من الالطاف، أو حصول المطالب المترتّبة عليها. انتهى (?).

وقوله: (مِنَ الْحَقِّ) بيان لـ "ما" (بِإِذْنِكَ) أي: بتمكينك، وتسخيرك، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى الإذن: التيسير والتسهيل على سبيل التمثيل، فإن الْمَلِكَ المحتجب إذا رَفَعَ الحجاب كان إذنًا منه بالدخول عليه. انتهى.

(إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمِ) أي: طريق الحقّ الذي لا اعوجاج فيه، وهو دين الإسلام، وسُمّي صراطًا؛ لأنه موصلٌ للمقصود كما أن الطريق الحسيّ كذلك، والجملة تعليل لطلب الهداية منه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-؛ أي: لأنك تهدي من تشاء. . . إلخ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

[تنبيه]: هذا الحديث قد تكلّم فيه العلماء، وضعّفوه بسبب تفرّد عكرمة بن عمّار، فقد ضعفّوه في روايته عن يحيى بن أبي كثير، قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح علل الترمذيّ": عكرمة بن عمّار اليماميّ، ثقة، لكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015