ليَسُنّه لأمته، أو على تقدير وقوع ذنوب منه حتى يُلازمَ حالة الافتقار والعبوديّة. انتهى (?).
قال النووي: ومعنى سؤاله -صلى اللَّه عليه وسلم- المغفرة مع أنه مغفور له أنه يسأل ذلك تواضعًا وخضوعًا وإشفاقًا وإجلالًا، وليُقْتَدَى به في أصل الدعاء والخضوع، وحسن التضرع في هذا الدعاء المعيَّن، وفي هذا الحديث وغيره مواظبته -صلى اللَّه عليه وسلم- في الليل على الذكر والدعاء، والاعتراف للَّه تعالى بحقوقه، والإقرار بصدقه ووعده ووعيده، والبعث والجنة والنار، وغير ذلك. انتهى (?).
(مَا قَدَّمْتُ) أي: قبل هذا الوقت (وَأَخَّرْتُ) عنه، وفي نسخة: "وما أخرّتُ" (وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ) وفي نسخة: "وما أسررتُ، وما أعلنت".
والمعنى: اغفر لي ما أخفيت، وما أظهرت، أو ما حدّثتُ به نفسي، وما تحرّك به لساني، زاد في رواية عند البخاري: "وما أنت أعلم به مني"، وهو من ذكر العام بعد الخاصّ.
زاد في رواية البخاريّ: "أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ"، قال المهلّب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أشار بذلك إلى نفسه؛ لأنه المقدَّم في البعث في الآخرة، والمؤخَّر في البعث في الدنيا. انتهى.
وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قيل: معناه المنزِّل للأشياء منازلها، يقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، ويُعزّ من يشاء، ويُذلّ من يشاء، وجعل عباده بعضهم فوق بعض درجات.
وقيل: هو بمعنى الأول، والآخر، إذ كل متقدّم على متقدّم فهو قبله، وكلّ متأخّر على متأخر فهو بعده، ويكون المقدّم والمؤخّر بمعنى الهادي، والمضلّ، قدّم من شاء لطاعته، لكرامته، وأخّر من شاء بقضائه، لشقاوته. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: المعنى الأول مما ذكر عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الأظهر عندي، كما لا يخفي، واللَّه تعالى أعلم.
(أَنْتَ إِلَهِي) أي: معبودي بحقّ، ومقصودي الذي وَلِهَ فيك قلبي، وتحيّر