"ووعدك الحقّ، وقولك الحقّ، ولقاؤك حقّ، والجنة حقّ، والنار حقّ، والساعة حقّ" أي: كلُّه متحقِّق لا شك فيه، وقيل: معناه: خبرك حقّ وصدقٌ، وقيل: أنت صاحب الحقّ، وقيل: مُحِقّ الحقّ، وقيل: الإله الحقّ دون ما يقوله الملحدون، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} [لقمان: 30]، وقيل في قوله: "ووعدك الحقّ"؛ أي: صدقٌ، ومعنى "لقاؤك حقّ" أي: البعث، وقيل: الموت، وهذا القول باطل في هذا الموضع، وإنما نبهت عليه لئلا يُغْتَرّ به، والصواب البعث، فهو الذي يقتضيه سباق الكلام وما بعده، وهو الذي يُرَدُّ به على الملحد لا بالموت (?).

(وَالْجَنَّةُ حَقٌّ) هذا وما بعده داخل تحت الوعد، لكن الوعد مصدرٌ، وما بعده هو الموعود به، ويَحْتَمِل أن يكون من عطف الخاصّ على العامّ، كما أن ذكر القول بعد الوعد من العامّ بعد الخاصّ (وَالنَّارُ حَقٌّ) فيه إشارة إلى أن الجَنَّة والنار موجودتان الآن.

زاد في رواية البخاريّ: "وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَقٌّ" خصّه بالذكر تعظيمًا له (?)، وعطفه على النبيين إيذانًا بالتغاير بأنه فائق عليهم بأوصاف مختصّة به، فإن تغاير الوصف ينزّل منزلة تغاير الذات.

(وَالسَّاعَةُ حَقٌّ) أي: يومُ القيامة، آتيةٌ لا ريب فيها، وأصل "الساعة" القطعة من الزمان، لكن لما لم يكن هناك كواكب تُقدَّر بها الأزمان، سمّيت بذلك.

وإطلاق اسم الحقّ على هذه الأمور كلها معناه أنها لا بدّ من كونها، وأنها مما ينبغي أن يُصَدَّق بها، وتكرارُ الحقّ في تلك المواضع على جهة التأكيد، والتفخيم، والتعظيم لها. انتهى.

(اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمْتُ) أي: استسلمت وانقدت، وخضعت لأمرك، قال السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الظاهر أن تقديم الجارّ للقصر بالنظر إلى سائر ما عُبد من دون اللَّه تعالى. انتهى.

(وَبِكَ آمَنْتُ) أي: صدّقت بك، وبكلّ ما أخبرت، وأمرت، ونهيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015