عن سلمة بن كُهيل: "فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتسع عشرة كلمة، حدّثنيها كُريب، فحفظت منها ثنتي عشرة، ونَسِيت ما بَقِي"، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللهم اجعل لي في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، ومن بين يديَّ نورًا، ومن خلفي نورًا، واجعل في نفسي نورًا، وأعظم لي نورًا".

فقوله: "وفي لساني نورًا" و"واجعل لي في نفسي نورًا"، هاتان اثنتان من السبع التي ذكر كُريب أنها في التابوت مما حدّثه بعض ولد العباس.

وقوله: (فَلَقِيتُ بَعْضَ وَلَدِ الْعَبَّاسِ) قال صاحب "التنبيه": هو عليّ بن عبد اللَّه بن العبّاس، كذا بخطّ العلامة عزّ الدين الحاضريّ عن أبي ذرّ. انتهى (?).

(فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ) هو من قول كريب، صرّح به أبو نعيم من رواية زُهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهديّ، وأما قول ابن بطّال، وكذا النوويّ: إنه من قول سلمة، وليس من قول كُريب، فليس بشيء، وكذا قول الحافظ: هو مُحْتَمِل، مع أنه قال: وظاهر رواية أبي حُذيفة أن القائل هو كريب.

والحاصل أن الصواب كونه من قول كريب، كما صرح به في رواية زهير المذكورة، لا من قول سلمة، واللَّه تعالى أعلم.

قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد وجدت الحديث من رواية عليّ بن عبد اللَّه بن عباس، عن أبيه، قال: فذكر الحديث مطوَّلًا، وظهرت منه معرفة الخصلتين اللتين نسيهما، فإن فيه: "اللهم اجعل في عظامي نورًا، وفي قبري نورًا".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: بل الأظهر أن المراد بهما اللسان والنفس، وهما اللذان زادهما عُقيل في روايته عند مسلم، وهما من جملة الجسد، وينطبق عليه التأويل الأخير للتابوت، وبذلك جزم القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "المفهم"، ولا ينافيه ما عداه.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم أن تفسير القرطبيّ للتابوت غير صحيح، بل الصواب أنه التابوت المعروف، وهو الصندوق، كما بيّنته رواية أبي عوانة السابقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015