المراد بـ "التابوت" الصدر، وزاد ابن بطال: كما يقال لمن يَحْفَظ العلم: علمه في التابوت مُستودَع، وقال النوويّ تبعًا لغيره: المراد بالتابوت الأضلاع وما تحويه من القلب وغيره؛ تشبيهًا بالتابوت الذي يُحْرَز فيه المتاع، يعني أن سبع كلمات في قلبي، ولكن نسيتها. وقيل: المراد سبعة أنوار، كانت مكتوبة في التابوت الذي كان لبني إسرائيل، فيه السكينة.
وجَزَم القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "المفهم"، وغير واحد بأن المراد بـ "التابوت" الجسد؛ أي: أن السبع المذكورة تتعلق بجسد الإنسان، بخلاف أكثر ما تقدّم، فإنه يتعلق بالمعاني، كالجهات الستّ، وإن كان السمع والبصر من الجسد.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تفسير التابوت بالصدر، أو الجسد غير صحيح، والصواب ما فسّر به ابن الجوزيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قال: يريد بالتابوت الصندوق؛ أي: سبعٌ مكتوبة في حندوق عنده، لَمْ يحفظها في ذلك الوقت.
فهذا هو التفسير الصحيح؛ لأنه صُرّح به في رواية أبي عوانة من طريق أبي حذيفة، عن سفيان الثوريّ، بسند حديث الباب، ونصّه: قال كُريب: وستّةٌ عندي مكتوبةٌ في التابوت، وقال أيضًا: يقال: التابوت فيه كُتُب عليّ بن عبد اللَّه بن عبّاس. انتهى (?).
وحَكَى ابن التين عن الداوديّ أن معنى قوله: "في التابوت" أي: في صحيفة في تابوت، عند بعض وَلَد العباس، قال: والخصلتان: العظم والمخّ، وقال الكرمانيّ: لعلّهما الشحم والعظم، كذا قالا، وفيه نظر.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تفسير الداوديُّ للتابوت بما ذكره هو الحقّ، كما سبق عن ابن الجوزيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، لكن تفسيره للخصلتين، فيه نظر، بل الأولى تفسيرهما باللسان والنفس، كما صحّ من رواية عقيل، عن سلمة الآتية.
والحاصل أن المراد بالتابوت هو الصندوق الذي وُضعت فيه الصحيفة التي كُتبت فيه السبع، وأن الخصلتين هما اللسان، والنفس، فتبصّر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه]: حاصل ما ذُكر في هذه الرواية عشرة، وسيأتي من طريق عُقَيل،