عمله؛ لِمَا جَرَى من عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يترك بعض العمل؛ خشيةَ أن يُفْرَض على أمته قاله في "الفتح".
(فَتَوَضَّأْتُ) أي: نحو وضوئه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي رواية مخرمة، عن كريب الآتية: "فقمت، فصنعت مثل ما صنع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم ذهبت، فقمت إلى جنبه" (فَقَامَ، فَصَلَّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ) أي: لعدم علمه بالسنّة في موقف المأموم الواحد (فَأَخَذَ بِيَدِي) أي: من ورائه، ففي رواية عطاء الآتية: "فأخذ بيدي من وراء ظهره، يَعْدِلني كذلك من وراء ظهره إلى الشقّ الأيمن" (فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ) قال ابن الملك: "عن" هنا بمعنى الجانب؛ أي: حوّلني من جانب يساره -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى جهة يمينه (فَتَتَامَّتْ) أي: تكاملت، وانتهت، وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: صارت تامّةً، تَفَاعَلَ من تَمّ، وهو لا يجيء إلَّا لازمًا. انتهى (?). (صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ اللَّيْلِ) أي: في الليل، أو بعضه (ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) أي: مع ركعة الوتر، يسلّم من كل ركعتين، ففي رواية الشيخين: "ثمَّ صلّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذّن، فقام، فصلّى ركعتين، ثم خرج، فصلّى الصبح".
قال في "الفتح": ظاهره أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصل بين كل ركعتين، ووقع التصريح بذلك في رواية طلحة بن نافع عند ابن خزيمة، حيث قال فيها: "يسلّم من كلّ ركعتين"، ولمسلم من رواية عليّ بن عبد اللَّه بن عبّاس التصريح بالفصل أيضًا، وأنه استاك بين كلّ ركعتين إلى غير ذلك (?)، كما سيأتي.
ومقتضى التصريح بذكر الركعتين ستّ مرّات، وقوله بعد ذلك: "ثم أوتر" أنه صلّى في هذه الليلة ثلاث عشرة ركعةً مع الوتر، كما وقع التصريح بذلك، وظاهره أيضًا أنه أوتر بركعة واحدة مفصولة؛ لأنه إذا صلّى ركعتين ركعتين ستّ مرّات مع الفصل بين كل ركعتين صارت الجملة اثنتي عشرة ركعة غير ركعة الوتر، وكانت صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاث عشرة ركعة، فلم يبق الوتر إلَّا ركعة واحدةً.