(يَحْلِفُ) أي: يُقسم أُبيّ -رضي اللَّه عنه- مؤكِّدًا لقوله: إنها لفي رمضان (مَا) نافية (يَسْتَثْنِي) أي: لا يُخرج شيئًا من بقيّة الشهور أنها تكون فيه، بل جازم ومقتصر على رمضان فقط، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالاستثناء تعليقه بالمشيئة؛ أي: لا يُعلّق حلفه على المشيئة، فيقول: "واللَّه إنها في رمضان إلا أن يشاء اللَّه"، بل يجزم بكونها فيه، واللَّه تعالى أعلم.

وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قوله: "ما يستثني" قيل: هو قول الرجل: إن شاء اللَّه، يقال: حَلَفَ فلانٌ يمينًا، ليس فيها ثني، ولا ثنو، ولا ثنية، ولا استثناء، كلُّها واحدٌ، وأصلها من الثني، وهو الكفّ والرّدّ، وذلك أن الحالف إذا قال: واللَّه لأفعلنّ كذا، إلا أن يشاء اللَّه غيره، فقد ردّ انعقاد ذلك اليمين.

[فإن قلت]: فقد جزم أُبيّ -رضي اللَّه عنه- على اختصاصها بليلة مخصوصة، وحَمَلَ كلام ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- على العموم، مع إرادة الخصوص، فهل هو إخبارٌ عن الشيء على خلاف ما هو به، فإن بين العموم والخصوص تنافيًا؟ .

[قلت]: لا إذا ذهب إلى التعويض، كما قال إبراهيم عليه السلام في سارة: "أختي"؛ تعريضًا بأنها أخته في الدين. انتهى كلام الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)،

(وَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ؟ ) "أيُّ" مبتدأ خبره "هي"، والجملة معلّق عنها "أعلم" (هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: بإحيائها، فقوله: (بِقِيَامِهَا) بدل من "بها" بإعادة الجارّ، ثم بيّن تلك الليلة التي أمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقيامها بقوله (هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ) أي: الليلة التي يكون يومها يوم سبعة وعشرين، يعني أنها ليلة سبع وعشرين، و"الصّبِيحة" بفتح الصاد، وكسر الموحِّدة: أولُ اليوم (?). (وَأَمَارَتُهَا) قال في "المصباح": الأَمَارةُ: كالعلامة وزنًا ومعنًى. انتهى (?). أي: علامة كون الليلة ليلة القدر، وفي رواية سفيان المذكورة: "فقلتُ: بأيّ شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة، أو بالآية التي أخبرنا بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها".

وفي رواية أبي داود المذكورة: "قلت: يا أبا المنذر أَنَّى علمت ذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015