وحجة مخالفه أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صلّاها في الجماعة في المسجد، ثم أخبر بالمانع الذي منعه من الدوام على ذلك، وهي خشية أن تُفْرَضَ عليهم، ثم إن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- كانوا يُصلّونها في المسجد أوزاعًا متفرّقين إلى أن جمعهم عمر -رضي اللَّه عنهم- على قارىء واحد، فاستقرّ الأمر على ذلك، وثبتت سنّيّته بذلك.
قال: ومالك أحقّ الناس بالتمسّك بهذا؛ بناءً على أصله في التمسّك بعمل أهل المدينة. انتهى كلام القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم تحقيق الخلاف في هذه المسألة في المسألة الخامسة من شرح الحديث الماضي، وأن الأرجح هو ما ذهب إليه الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- من كون صلاة التراويح في البيت أفضل لمن قَوِيَ عليه؛ لقوّة حجّته، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: (بِعَزِيمَةٍ) أي: بعزم وقطع، يعني من غير أن يفرضه عليهم، قال الراغب الأصفهانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الْعَزْمُ والعزيمة: عَقْدُ القلب على إمضاء الأمر. انتهى، وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم، بل أمر ندب وترغيب. انتهى.
وفيه التصريح بعدم وجوب قيام رمضان.
وقوله: (فَيَقُولُ. . . إلخ) بيان وتفسير للترغيب المذكور.
وقوله: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا. . . إلخ) قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي: أتى بقيامٍ، وهو التراويح، أو قام إلى صلاة رمضان، أو إلى الصلاة ليالي رمضان؛ إيمانًا باللَّه تعالى، وتصديقًا بأنه يُقرّب إليه، وطلبًا لوجه اللَّه تعالى، غُفر له سوابق الذنوب. انتهى.
وقوله: (فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ) كذا وقع مدرجًا في نفس الخبر عند المصنّف، وأبي داود، والترمذيّ، وهو قول الزهريّ، صرّح به مالك في "الموطّأ"، والبخاريّ في "صحيحه"، ومحمد بن نصر في "قيام الليل" من رواية مالك، قال الباجيّ: وهذا مرسلٌ، أرسله الزهريّ، وأدرجه معمر في نفس