وقد رَوَى الطبراني في "معجمه الكبير" عن أبي أمامة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى العشاء في جماعة، فقد أخذ بحظه من ليلة القدر"، لكن في إسناده مسلمة بن عليّ، وهو ضعيف، وذكره مالك في "الموطأ" بلاغًا عن سعيد بن المسيِّب أنه كان يقول: من شَهِد العشاء من ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها.
وقال ابن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يؤخذ إلا توقيفًا، ومراسيل سعيد أصحّ المراسيل. انتهى.
وقال الشافعيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في كتابه القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها، ولا يُعْرَف له في الجديد ما يخالفه.
وقد ذكر النوويّ في "شرح المهذَّب" أن ما نصّ عليه في القديم، ولم يتعرض له في الجديد بموافقة، ولا بمخالفة، فهو مذهبه بلا خلاف، وإنما رجع من القديم عن قديمٍ نَصّ في الجديد على خلافه.
ورَوَى الطبرانيّ في "معجمه الأوسط" بإسناد فيه ضعف، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى العشاء في جماعة، وصلى أربع ركعات قبل أن يخرج من المسجد، كان كعَدْل ليلة القدر"، وهذا أبلغ من الحديث الذي قبله؛ لأن مقتضاه تحصيل فضيلة ليلة القدر، وإن لم يكن ذلك في ليلة القدر، فما الظنّ بما إذا كان ذلك فيها؟ . انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "وهذا أبلغ. . . إلخ" بعد أن اعترف بضعف الحديث عجيب من مثل الحافظ ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
[1780] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا (?) عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-