شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق أن الحقّ أنه لا يتعيّن في قيام رمضان عدد معينّ من الركعات، ولا من القراءة، وإنما ذلك بحسب أحوال الناس، فإذا كان لهم نشاطٌ على أن يصلّوا صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إحدى عشرة ركعة بطولها، فهو الأحسن، وإن ضعفوا عن ذلك، فكثّروا الركعات عوضًا عن تطويل القراءة، فلا بأس، سواء صلّوا عشرين، أو أقلّ، أو أكثر، وأما التزام عشرين ركعةً، بحيث لا يزيد، ولا ينقص، فمما لا دليل عليه، بل هو من اعتقاد العوامّ الذين لا دراية لهم بالسنّة، فلا تغترّ بهم، فالشأن في الأدلّة، لا فيما رآه الجِلّة.

قال العلامة الشوكانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والحاصل أن الذي دلّت عليه الأحاديث هو مشروعيّة القيام في رمضان، والصلاة فيه جماعةً وفُرادى، فقصر الصلاة المسمّاة بالتراويح على عدد معيّن، وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم ترد به سنة. انتهى، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال الحافظ وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس المراد بقيام رمضان قيام جميع ليله، بل يحصل ذلك بقيام يسير من الليل، كما في مطلق التهجد، وبصلاة التراويح وراء الإمام، كالمعتاد في ذلك، وبصلاة العشاء والصبح في جماعة؛ لحديث عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله"، رواه مسلم في "صحيحه" بهذا اللفظ، وأبو داود بلفظ: "من صلى العشاء في جماعة، كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان كقيام ليلة"، وكذا لفظ الترمذيّ: "ومن صلى العشاء والفجر في جماعة"، ورواية مسلم في ذلك محمولة على روايتهما، فمعنى قوله: "ومن صلى الصبح في جماعة"؛ أي: مع كونه كان صلى العشاء في جماعة، وكذلك جميع ما ذكرناه يأتي في تحصيل قيام ليلة القدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015