مِنَ الصَّلَاةِ}، قال: ذاك عند القتال يصلي الرجل الراكب تكبيرتين حيث كان وجهه، وقال أسباط عن السديّ في قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} الآية: إن الصلاة إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام التقصير، لا يحل إلا أن يخاف من الذين كفروا أن يفتنوه عن الصلاة، فالتقصير ركعة، وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} يوم كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه بعسفان، والمشركون بضَجْنان، فتوافقوا، فصلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابه صلاة الظهر أربع ركعات بركوعهم وسجودهم وقيامهم معًا جميعًا، فَهَمَّ بهم المشركون أن يُغِيروا على أمتعتهم وأثقالهم، روى ذلك ابن أبي حاتم، ورواه ابن جرير عن مجاهد والسّدّيّ، وعن جابر، وابن عمر، واختار ذلك أيضًا، فإنه قال بعد ما حكاه من الأقوال في ذلك: وهو الصواب.

وقال ابن جرير: حدّثني محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم، حدّثنا ابن أبي فُديك، حدّثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أُمية بن عبد اللَّه بن خالد بن أسيد، أنه قال لعبد اللَّه بن عمر: إنا نَجِد في كتاب اللَّه قصر صلاة الخوف، ولا نجد قصر صلاة المسافر؟ ، فقال عبد اللَّه: إنا وجدنا نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- يعمل عملًا عملنا به. فقد سَمَّى صلاة الخوف مقصورةً، وحَمَل الآية عليها، لا على قصر صلاة المسافر، وأقره ابن عمر على ذلك، واحتَجّ على قصر الصلاة في السفر بفعل الشارع، لا بنصّ القرآن.

وأصرح من هذا ما رواه ابن جرير أيضًا: حدّثنا أحمد بن الوليد القرشيّ، حدّثنا محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن سماك الحنفيّ، قال: سألت ابن عمر عن صلاة السفر؟ فقال: ركعتان تمام غير قصر، إنما القصر في صلاة المخافة، فقلت: وما صلاة المخافة؟ فقال: يصلي الإمام بطائفة ركعة، ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء، ويجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء، فيصلي بهم ركعةً، فيكون للإمام ركعتان، ولكل طائفة ركعة ركعة. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015