2 - (ومنها): أن السفر يخالف حكمه حكم الحضر، حيث شُرع فيه قصر الصلاة، وجمعها، قال العلامة ابن رُشد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السفر له تأثير في القصر باتفاقٍ، وفي الجمع باختلاف، أما القصر فإنه اتفق العلماء على جواز قصر الصلاة للمسافر، إلا قول شاذّ، وهو قول عائشة (?)، وهو أن القصر لا يجوز إلا للخائف؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، وقالوا: إن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما قصر؛ لأنه كان خائفًا، واختلفوا من ذلك في خمسة مواضع: أحدها في حكم القصر، والثاني في المسافة التي يجب فيها القصر، والثالث في السفر الذي يجب فيه القصر، والرابع في الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالتقصير، والخامس في مقدار الزمان الذي يجوز للمسافر فيه إذا أقام في موضع أن يقصر الصلاة. انتهى كلامه -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: سنأتي بهذه المسائل مفصّلة بما لها، وما عليها -إن شاء اللَّه تعالى-.
3 - (ومنها): بيان أن فرض المسافر ركعتان، وإن صلى أربعًا، فقد اختُلِف فيه، وسيأتي تحقيقه في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى-.
4 - (ومنها): أن صلاة المقيم أربع ركعات، وهذا مجمع عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم القصر في السفر:
قال ابن رشد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا فيه على أربعة أقوال: فمنهم من رأى أن القصر هو فرض المسافر المتعين عليه، ومنهم من رأى أن القصر والإتمام كلاهما فرضٌ، مُخَيَّر له كالخيار في واجب الكفارة، ومنهم من رأى أن القصر سنة، ومنهم من رأى أنه رُخْصة، وأن الإتمام أفضل.
وبالقول الأول قال أبو حنيفة وأصحابه، والكوفيون بأسرهم، أعني أنه فرض متعين، وبالثاني قال بعض أصحاب الشافعيّ، وبالثالث أعني أنه سنة،