أشرنا أن الأوقات الأصلية ثلاثة: الفجر والظهر والمغرب، وإنما اشتُقّ العصر من الظهر، والعشاء من المغرب؛ لئلا تكون المدة الطويلة صلة (?) بين الذكرين، ولئلا يكون النوم على صفة الغفلة فشَرَعَ (?) لهم جمعَ التقديم والتأخير، لكنه لم يواظب عليه، ولم يَعْزِم عليه مثل ما فَعَل في القصر.
ومنها (?) تركُ السنن، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، وعمر، وعثمان -رضي اللَّه عنهم- لا يسبِّحون إلا سنة الفجر والوتر.
ومنها الصلاة على الراحلة، حيث توجهت به يومئ إيماءً، وذلك في النوافل، وسنة الفجر، والوتر، لا الفرائض. انتهى كلام وليّ اللَّه الدهلويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو بحثٌ مفيدٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(?) - (بَابُ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ)
قال الجامع عفا اللَّه عنه: معنى قصر الصلاة ردُّها من أربع إلى ركعتين، مأخوذ من قَصَرَ الشيءَ: إذا نقّصهُ، ويجوز أن يكون قصرُها حبسها عن إتمامها، مأخوذٌ من قَصَرَ الشيءَ: إذا حبسه.
قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يقال: قصرت من الشيء: إذا نقصت منه، وقال أيضًا: وكلُّ شيء حبسته، فقد قصرته، وحَكَى هذا المعنى غيره أيضًا، قال الجوهريّ: وأقصرت من الصلاة لغةٌ في قَصَرت. انتهى.
وقال الفيّوميّ: قَصَرتُ الصلاة، ومنها قَصْرًا، من باب قَتَلَ، هذه هي اللغة العالية التي جاء بها القرآن، قال تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} الآية [النساء: 101]، وقُصِرَت الصلاةُ بالبناء للمفعول، فهي مقصورة، وفي الحديث: "أَقُصِرَت الصلاةُ؟ "، وفي لغة يتعدى بالهمزة والتضعيف، فيقال: أقصرتها، وقَصَّرتها. انتهى (?).